موسكو – (رياليست عربي): أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن العمل على وثيقة العلاقات بين روسيا وإيران في مرحلته الأخيرة، مؤكدًا على أنها ذات أهمية استراتيجية.
وقال لافروف، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في موسكو: “نحن راضون عن الطريقة التي تتطور بها علاقاتنا الثنائية، لقد وصلت إلى مستوى نوعي جديد، والذي سيتم تحديده في اتفاقية كبيرة بين الدولتين. العمل على هذه الوثيقة الآن في مراحله النهائية. ستكون ذا أهمية استراتيجية، وستحدد المبادئ التوجيهية الأساسية لمواصلة بناء النطاق الكامل للعلاقات الروسية الإيرانية في العقود المقبلة”.
وأضاف أنّ موسكو وضعت خارطة طريق اقتصادية، وأنّ “التعاون الاقتصادي بين روسيا وإيران بلغ 4 مليارات دولار العام الماضي ونتوقع أن يرتفع العام المقبل”.
ولفت لافروف إلى أنّ روسيا “لن تقبل النهج الغربي الذي يملي على العالم وإنما تؤمن بمثياق وقواعد الأمم المتحدة”.
كما أكد أنه بحث مع أمير عبد اللهيان الاتفاق النووي، وأن الأخير “أشاد بالموقف الروسي الداعم لرفع العقوبات عن إيران”.
وكشف لافروف أنّ موسكو وطهران بحثتا أيضاً انضمام إيران كعضو دائم إلى منظمة شنغهاي خلال قمة سمرقند المقبلة، كما بحث الطرفان التسوية في سوريا والمشاكل العالقة بسبب العقوبات الغربية التي تقوض عمل الأمم المتحدة.
وأضاف أنّ “العولمة لم تكن إلا لأهداف خاصّة تتعلق بالولايات المتحدة وأتباعها”.
وأوضح لافروف أنّ “هناك تعاونا بين إيران وروسيا ولا سيما في المجالين النووي والطاقة”، كاشفاً أنّ “هناك مماطلة في المفاوضات النووية من جانب واشنطن”.
وفي سياق آخر، قال لافروف إنه “يجري العمل على ترسيم الحدود بين أرمينيا وأذربيجان وربط المواصلات بين البلدين مع روسيا”.
العملية الروسية
من جهته، قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إنّ “طهران تلقّت رسالة من أحد المسؤولين الأوروبيين بشأن القتال في أوكرانيا”، متابعاً أنّ موسكو تعمل ما في وسعها من أجل تجنّب الأضرار في محطة زاباروجيا النووية.
وأضاف: “إيران تسير في المسار الصحيح مع روسيا بما يخدم الشعبين وتسعى لتنشيط التعاون التجاري”.وأوضح أن “طهران تؤيد تشكيل حكومة أفغانية تضمّ كل الأطراف في البلاد”.
أما بشأن سوريا، فقال أمير عبد اللهيان إنّ “إيران ستوصل مسار أستانة من أجل حل الأزمة في سوريا، لافتاً إلى أنّ إيران وروسيا ستواصلان مسار أستانا من أجل حل الأزمة السورية”.كما لفت إلى أنّ طهران “تؤيد الحوار في اليمن من أجل حل الأزمات الإنسانية”.
وقال أمير عبد اللهيان “نعزز تعاوننا مع روسيا في قطاع الطاقة وهناك العديد من المجالات التي نسعى لتطويرها”، كاشفاً عن أنّ “نظام مير للمدفوعات يجري تطويره بين روسيا وإيران”.
الملف النووي
وعن الملف النووي الإيراني، قال أمير عبد اللهيان: “تلقينا الرد الأميركي وألقينا عليه نظره دقيقة ونحن نحتاج إلى ضمانات موثوّقة”، مضيفاً “نولي اهتماماً كبيراً بالضمانات ورفع العقوبات ونحن متفائلون”.
ولفت أمير عبد اللهيان إلى أنّ “المفاوضين الإيرانيين يعملون منذ أشهر في فيينا من أجل التوصل إلى اتفاقٍ جيد”.
يُشار إلى أنّ لافروف أجرى زيارةً رسميةً إلى طهران، في الـ22 من حزيران/يونيو الماضي، بحث خلالها مع نظيره الإيراني موضوع إلغاء التأشيرات بين البلدين وزيادة حجم التبادل التجاري بينهما.
وتثير العلاقات الجيدة والتقارب بين روسيا وإيران في مجالات عديدة، قلق الولايات المتحدة الأميركية و”إسرائيل”.
العلاقات الاقتصادية
تنمو العلاقات الاقتصادية بين موسكو وطهران بشكل مطرد؛ ففي الفترة الممتدة بين كانون الثاني/يناير وأيار/مايو 2021، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 1.371 مليار دولار، محققاً زيادة قدرها 27.7% من حيث القيمة السنوية.
بيانات مصلحة الجمارك الفيدرالية الروسية أشارت أيضاً إلى أن حجم الصادرات الروسية إلى إيران بلغ 900.6 مليون دولار، بزيادة نسبتها 27.7%، وبلغ حجم الواردات من إيران 469.9 مليون دولار، بزيادة نسبتها 27.7%.
وعلى الرغم من هذا النمو الملحوظ في التبادل التجاري بين البلدين، فإنّ رئيسي اعتبر أنّ “العلاقات التجارية والاقتصادية في الوقت الراهن غير مرضية”، مؤكّداً ضرورة “بذل الجهود لكي يكون التعاون في مختلف المجالات أكبر بأضعاف مما هو عليه”.
رئيس اللجنة الاقتصادية لمجلس الشورى الإسلامي، محمد رضا بورابراهيمي، قال في هذا الخصوص إن “زيادة القدرات التجارية لإيران وروسيا أمر مهم للغاية، ويجب متابعته خلال زيارة الرئيس الإيراني لموسكو من أجل زيادة حجم التبادل التجاري إلى 20 مليار دولار”.
التعاون التجاري بين البلدين يتخذ أشكالاً عديدة، ويدخل في مجالات متعددة. وربما يعد أبرز وجوه هذه المجالات هو التعاون في المجال النفطي. وإضافة إلى الاتفاقيات السابقة بين البلدين، تم التوقيع على “اتفاقيات مهمة” في أولى أيام القمة الإيرانية الروسية، كما أعلن وزير النفط الإيراني جواد أوجي، الذي أكد أن “الاتفاقيات المهمة التي توصل إليها الجانبان كانت أكثر مما نتوقعه”.
وقد تركزت هذه الاتفاقيات، بحسب الوزير الإيراني، على “توسيع حقول الغاز والنفط الإيرانية، وإنشاء مصافٍ بتروكيماوية، ونقل التكنولوجيا والتجهيزات المتطورة في هذه المجالات لإيران”.
التعاون العسكري
أمّا على الصعيد العسكري، فقد أجرى البلدان سابقاً العديد من المناورات العسكرية المشتركة في إطار الحفاظ على أمنهما ومصالحهما. وبعد رفع حظر الأسلحة عن إيران في العام 2020، قامت طهران بإبرام عقود شراء أسلحة وطائرات مقاتلة وطائرات تدريب وطائرات عمودية مقاتلة من روسيا.
وفي هذا السياق، أشار رئيس الخدمة الفيدرالية للتعاون العسكري التقني في روسيا ديمتري شوغاييف، في وقت سابق، إلى أنّ روسيا وإيران لديهما “آفاق في مجال التعاون العسكري التقني، ويتم الآن الوفاء بالعقود المبرمة سابقاً”.
ووفقاً لرئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، إنّ هذا التعاون العسكري “سيأخذ نطاقاً أوسع” خلال زيارة رئيسي إلى موسكو، وخصوصاً في ظل التوترات القائمة في البلدان الواقعة على حدودهما، مثل أفغانستان وأذربيجان، والتي تلقي بظلالها على البلدين معاً.
وبالتزامن مع الزيارة، تم الإعلان أن “روسيا وإيران والصين ستجري مناورات بحرية مشتركة CHIRU في الخليج في أوائل العام 2022”. وأوضح السفير الروسي في طهران، ليفان جاجريان، أنّ “المهمة الرئيسية للتدريبات هي اتخاذ إجراءات لضمان سلامة الشحن الدولي ومكافحة القراصنة البحريين”.