القاهرة – (رياليست عربي): كشف صندوق النقد الدولي عن الأركان التي على أساسها قام مؤخرا بإقراض مصر بقيمة حوالي ثلاثة مليارات دولار، تم التوافق عليه نهاية العام الماضي، يظهر من تلك الأركان 5 شروط مطلوب من القاهرة تنفيذها لاستمرار إعطاء القرض الذي سيقدم على 8 مراحل حتى عام 2026.
وجاء الشرط الأول، أن تلتزم الحكومة المصرية بتخفيض النفقات وزيادة الدخل القومي، بالإضافة إلى تعديل سياسات نقدية ومالية عامة، وإبطاء الإنفاق على المشاريع العامة للحد من الضغوط على سوق الصرف الأجنبي والتضخم، وعلى هذا الأساس، قررت الحكومة المصرية مؤخرا، تأجيل تنفيذ أية مشروعات جديدة لم يتم البدء في تنفيذها، ولها مكون دولاري واضح، في سبيل ترشيد الإنفاق العام في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، بالإضافة إلى اشتراط الحصول على موافقة وزارة المالية لصرف المكون الأجنبي للمشاريع بعد التنسيق مع البنك المركزي والجهات المعنية، وكذلك تأجيل الصرف على أي احتياجات لا تحمل طابع الضرورة القصوى، وترشيد جميع أعمال السفر خارج البلاد.
وبالإضافة لذلك، ستعتمد مصر على حشد تدفقات نقدية من شركائها الأجانب لسد الفجوة التمويلية المتبقية التي تقدر بحوالي 5.04 مليار دولار حتى نهاية يونيو القادم فقط، لذلك تتوقع مصر سد هذه الفجوة عن طريق اقتراض 1.1 مليار دولار من البنك الدولي، و400 مليون دولار من البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، و300 مليون دولار من بنك التنمية الإفريقي، و300 مليون دولار أخرى من صندوق النقد العربي، ومليار دولار من بنك التنمية الصيني، بالإضافة إلى أن مصر ستبيع ما تصل قيمته إلى 2 مليار دولار من أصولها إلى مستثمرين أجانب، وبشكل خاص دول مجلس التعاون الخليجي، الذين تعهدوا أيضا بعدم مطالبة مصر بودائعهم الموجودة في البنك المركزي المصري بقيمة تصل إلى 28 مليار دولار حتى سبتمبر 2026، وخلال العام المالي القادم، ستبيع مصر أصول بقيمة 4.6 مليار دولار، يتبعها أصول بقيمة 1.8 مليار دولار في 2024-2025.
أما الشرط الثاني، يتعلق بموافقة مصر على سياسات متعددة لزيادة دخل الدولة، بما في ذلك التنفيذ الكامل لآلية ربط أسعار الوقود بالأسعار العالمية، والنظر في إدخال آلية ربط الأسعار المحلية للغاز الطبيعي بالأسعار العالمية، وفرض ضرائب إضافية على الوقود، فضلا عن التحول لنظام سعر صرف مرن، لكنه مقترن بإمكانية تدخل البنك المركزي لضبط سعر الصرف في حالة التقلب المفرط في أسعار الصرف، إلا أنه لن يكون هناك لجوء إلى تدخلات النقد الأجنبي أو استخدام صافي الأصول الأجنبية للبنوك بقصد تثبيت أو ضمان مستوى سعر الصرف.
فيما تبين من الشرط الثالث، تخارج الدولة من الاقتصاد، بما في ذلك شركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام، والشركات المملوكة للجيش، والسلطات الاقتصادية، والمشاريع المشتركة والشراكات، بموجب وثيقة ملكية الدولة التي أعلنت عنها الحكومة مؤخرا، كما يتعين على الحكومة تعزيز الشفافية والحوكمة في شركات الدولة القائمة، إذ سيطلب من جميع الشركات المملوكة للدولة تقديم حسابات مالية إلى وزارة المالية على أساس نصف سنوي، والتي ستضمن بدورها الوصول المفتوح إلى هذه البيانات، وستعمل السلطات على تحقيق تكافؤ الفرص من خلال إلغاء المعاملة التفضيلية للشركات المملوكة للدولة على شركات القطاع الخاص، والالتزام بنشر معلومات يسهل الوصول إليها في غضون 30 يوما من نهاية كل شهر عن جميع عقود المشتريات التي تتجاوز 20 مليون جنيه مصري في ذلك الشهر، إلى جانب معلومات عن جميع العطاءات المقدمة، والعطاء الفائز، وأسماء مقدمي العطاءات الفائزين، وتوضيح سلطات الدولة للشروط التي يبرر بموجبها التعاقد المباشر بين الكيانات العامة وبعضها البعض، وإزالة الإعفاءات الضريبية للشركات المملوكة للدولة، وتعزيز معاملة الشركات المملوكة للدولة بموجب قانون المنافسة.
فيما وضح في الشرط الرابع، تعهد الحكومة بنشر تقرير سنوي شامل عن النفقات الضريبية، نهاية أبريل المقبل، يتضمن تفاصيل وتقديرات الإعفاءات الضريبية، بما في ذلك تلك المقدمة للشركات في المناطق الاقتصادية الحرة وجميع المؤسسات المملوكة للدولة، وأيضا شركات القطاع العام، وقطاع الأعمال العام، والشركات المملوكة للجيش، والسلطات الاقتصادية، والمشاريع المشتركة والشراكات، وستعطي الحكومة جهاز حماية المنافسة سلطة التصرف بشكل مستقل ضد الممارسات الاحتكارية، عن طريق موافقة البرلمان على تعديلات قانون المنافسة فيما يتعلق بإضافة فصل جديد حول عمليات الاندماج والاستحواذ.
بينما شدد الشرط الخامس، على قيام السلطات بإدراج الشركات المملوكة للدولة في البورصة المصرية، وطرح حصص في صندوق ما قبل الاكتتاب العام للصندوق السيادي لمصر، والذي يسعى إلى تسييل الأصول المملوكة للدولة. وقد تم بالفعل تحديد مجموعة أولية من الشركات لصندوق ما قبل الاكتتاب العام، بهدف جمع 2.5 مليار دولار في المرحلة الأولى من مبيعات حصص ما قبل الاكتتاب العام بحلول يونيو 2023، فيما سيتم إيداع عائدات مبيعات الأصول المملوكة للدولة، وكذلك المبيعات المباشرة في حساب مخصص في البنك المركزي.
وبحسب تقرير خبراء صندوق النقد الدولي الذي أُعلن عنه يوم الثلاثاء، ستحصل مصر على دفعات متساوية من القرض، أولها حصول القاهرة على نحو 347 مليون دولار في ديسمبر الماضي. وبدءا من العام الجاري، ستكون الأقساط بنفس القيمة في مارس وسبتمبر من كل عام، فيما ستكون المراجعات نصف السنوية في يونيو وديسمبر، لتحصل مصر على إجمالي قيمة القرض في سبتمبر 2026، بعد ثماني مراجعات من الصندوق، آخرها في يونيو من نفس العام.
وتشير تقديرات خبراء الصندوق إلى أن ديون مصر يمكن تحملها، ولكن ليس بقدر كبير، كما أن المخاطر الإجمالية للضغوط على السندات السيادية مرتفعة، حيث يشغل عبء الفائدة حيزاً كبيراً في الميزانية.