بروكسل – (رياليست عربي): تدرس دول الاتحاد الأوروبي فرض حظر تجاري كامل على روسيا، في إطار سلسلة العقوبات الاقتصادية المتصاعدة منذ بداية الأزمة الأوكرانية، وتأتي هذه الخطوة التي وصفتها مصادر دبلوماسية أوروبية بـ”غير المسبوقة” بعد شهور من التدرج في فرض القيود التجارية والمالية على موسكو، حيث تسعى بروكسل إلى زيادة الضغط الاقتصادي على الكرملين.
وفقاً لمصادر مطلعة، فإن الحظر الشامل سيشمل جميع القطاعات التجارية مع استثناءات محدودة للغاية تتعلق بالسلع الإنسانية والطبية، ويستهدف هذا القرار بشكل خاص قطاعات الطاقة والصناعات التكنولوجية المتقدمة، التي تعتمد عليها روسيا بشكل كبير في تشغيل اقتصادها، كما من المتوقع أن يشمل الحظر إجراءات صارمة ضد الشركات والجهات التي تحاول الالتفاف على العقوبات عبر دول ثالثة.
من الناحية الاقتصادية، ستكون لهذه الإجراءات تداعيات كبيرة على الجانبين، فروسيا، التي شهدت انكماشاً اقتصادياً بنسبة 3.5% العام الماضي بسبب العقوبات السابقة، قد تواجه أزمة اقتصادية أعمق في حال تنفيذ هذا الحظر الشامل، ومن المتوقع أن تشمل التأثيرات الرئيسية انخفاضاً حاداً في القوة الشرائية للروبل، وارتفاعاً كبيراً في معدلات التضخم، وصعوبات في توفير السلع التكنولوجية الأساسية للقطاعات الصناعية.
في المقابل، سيدفع الاتحاد الأوروبي ثمناً اقتصادياً باهظاً لهذه الخطوة، حيث تشير التقديرات إلى خسائر تجارية فورية قد تتجاوز 100 مليار يورو سنوياً، وتعد دول أوروبا الشرقية الأكثر تضرراً بسبب علاقاتها الاقتصادية الوثيقة مع روسيا، حيث يحذر خبراء اقتصاديون من موجة من الإفلاسات في القطاعات التي تعتمد على التبادل التجاري مع السوق الروسية.
على الصعيد السياسي، تواجه القرار الأوروبي انتقادات داخلية متزايدة، حيث تعرب بعض الدول الأعضاء عن قلقها من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية المحتملة، وفي الوقت نفسه، تواصل موسكو البحث عن شركاء تجاريين جدد في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، في محاولة لتعويض الخسائر الناجمة عن العقوبات الغربية.
يأتي هذا التصعيد في وقت تشهد فيه الأزمة الأوكرانية تطورات متسارعة، حيث يبدو أن الاتحاد الأوروبي عازم على استخدام كل الأدوات الاقتصادية المتاحة للضغط على روسيا، ومع ذلك، يبقى السؤال الأكبر حول مدى فعالية هذه العقوبات في تحقيق الأهداف السياسية المطلوبة، وما إذا كانت ستؤدي إلى تغيير في الموقف الروسي أم ستزيد من تشدد الكرملين في سياسته.