واشنطن – (رياليست عربي): في خطوة أثارت جدلاً واسعاً على الساحة الدولية، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرسوماً تنفيذياً يقضي بفرض رسوم جمركية جديدة على واردات الولايات المتحدة من أكثر من 60 دولة حول العالم. يأتي هذا القرار في إطار سياسة ترامب الحمائية التي يتبعها منذ توليه الرئاسة، والتي تهدف بحسب تصريحاته إلى “حماية الصناعة والعمال الأمريكيين”.
تشمل القائمة الجديدة للرسوم الجمركية مجموعة واسعة من المنتجات والسلع، من بينها الصلب والألمنيوم والمنتجات الإلكترونية وبعض السلع الزراعية. وتستهدف الرسوم بشكل أساسي الصين والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى عدد من الدول الآسيوية والأمريكية اللاتينية. وتتراوح نسبة هذه الرسوم بين 10% إلى 25% حسب نوع المنتج والبلد المصدر.
البيان الرسمي للبيت الأبيض أكد أن هذه الإجراءات تأتي رداً على ما وصفه بـ”الممارسات التجارية غير العادلة” التي تتبعها بعض الدول، مشيراً بشكل خاص إلى سياسة الإغراق التي تتبعها الصين في أسواق التصدير. كما أشار البيان إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى تقليل العجز التجاري الأمريكي الذي بلغ مستويات قياسية في السنوات الأخيرة.
ردود الفعل الدولية على القرار جاءت سريعة وحادة. فقد هدد الاتحاد الأوروبي بالرد بفرض رسوم مماثلة على المنتجات الأمريكية، فيما وصفت الصين القرار بأنه “انتهاك صارخ لقواعد منظمة التجارة العالمية”. من جهة أخرى، أبدت بعض الدول المستهدفة استعدادها للتفاوض لتجنب هذه الرسوم، في إشارة إلى احتمالية التوصل إلى اتفاقات ثنائية بديلة.
المحللون الاقتصاديون يحذرون من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى اندلاع حرب تجارية شاملة، خاصة إذا ما ردت الدول الأخرى بإجراءات مماثلة. كما يشيرون إلى أن المستهلك الأمريكي سيكون أول المتضررين من هذه السياسة، حيث من المتوقع أن ترتفع أسعار العديد من السلع في السوق المحلية.
في الأوساط السياسية الأمريكية، انقسمت الآراء حول القرار. بينما أشاد مؤيدو ترامب بالخطوة واعتبروها دفاعاً عن المصالح الأمريكية، انتقدها المعارضون ووصفوها بأنها “غير مدروسة” وقد تؤدي إلى خسائر اقتصادية تفوق أي مكاسب محتملة. بعض الخبراء يشيرون إلى أن هذه الخطوة قد تكون لها دوافع سياسية مرتبطة بالانتخابات المقبلة، حيث يسعى ترامب لتأكيد التزامه بوعود حملته الانتخابية.
على المدى البعيد، قد يكون لهذا القرار تأثيرات عميقة على النظام التجاري العالمي. فبالإضافة إلى آثاره الاقتصادية المباشرة، فإنه يطرح تساؤلات حول مستقبل التعددية التجارية ودور منظمة التجارة العالمية في تنظيم العلاقات الاقتصادية الدولية. بعض المراقبين يتوقعون أن تشهد الفترة المقبلة تحولاً نحو المزيد من الاتفاقات التجارية الثنائية بدلاً من النظام متعدد الأطراف.
في الختام، بينما يرى البعض في قرار ترامب خطوة ضرورية لحماية الاقتصاد الأمريكي، يحذر آخرون من أنه قد يشكل بداية لمرحلة جديدة من التوترات التجارية العالمية، مع ما يحمله ذلك من مخاطر على النمو الاقتصادي العالمي الذي لا يزال يعاني من آثار جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية الأخيرة.