الرياض – (رياليست عربي): أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن نيته إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا في حال عودته إلى البيت الأبيض، في تصريح يثير تساؤلات حول دوافعه الحقيقية وانعكاساته المحتملة على الملف السوري والصراعات الإقليمية. يأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات كبرى، مع تصاعد الحديث عن إمكانية عودة سوريا إلى الحظيرة العربية، وتنامي النفوذ الروسي والإيراني في هذا البلد الذي مزقته الحرب.
من الناحية الاستراتيجية، يمثل هذا التصريح تحولاً محتملاً في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، التي ظلت لعقود تحت حصار اقتصادي وعقوبات مشددة. فإذا نفذ ترامب وعده، فقد يفتح الباب أمام إعادة إعمار سوريا بمساعدة دولية، وهو ما طالما نادت به دمشق وحلفاؤها. لكن السؤال الأكبر هو: هل سيكون هذا القرار مدفوعاً باعتبارات جيوسياسية تهدف إلى تقليص النفوذ الروسي والإيراني، أم أنه مجرد ورقة انتخابية لجذب أصوات المجتمعات العربية في أمريكا؟
على الصعيد الداخلي الأمريكي، يبدو أن ترامب يسعى إلى توظيف الملف السوري لتعزيز صورته كزعيم قادر على كسر الجمود في السياسة الخارجية، خاصة بين الناخبين الذين يعتبرون العقوبات الأمريكية غير فعّالة وغير إنسانية. لكن هذا التوجه قد يثير حفيظة حلفاء واشنطن التقليديين في المنطقة، خاصة إسرائيل، التي قد ترى في تقارب أمريكي-سوري خطراً على أمنها. كما أن المعارضين الديمقراطيين لترامب سيسارعون إلى اتهامه بمحاولة استرضاء نظام الأسد، الذي لا تزال الولايات المتحدة تتهمه بارتكاب جرائم حرب.
من جهة أخرى، فإن أي خطوة نحو رفع العقوبات عن سوريا ستكون مرتبطة بضمانات سياسية وأمنية، خاصة فيما يتعلق بملف المقاتلين الأجانب، والحد من النفوذ الإيراني، وضمان عدم تحول سوريا إلى ساحة صراع جديدة. وهنا تبرز إشكالية كبيرة، فدمشق وحلفاؤها يصرون على أن أي حل يجب أن يحترم سيادة البلاد ويأخذ بعين الاعتبار المصالح الروسية والإيرانية، في حين أن واشنطن وحلفاءها يريدون ضمانات بحدوث تغييرات جذرية في بنية النظام السوري.
ختاماً، فإن إعلان ترامب يضع الملف السوري أمام منعطف جديد، لكنه يترك العديد من الأسئلة دون إجابة. فهل ستكون هذه الخطوة بداية لعصر جديد من العلاقات الأمريكية-السورية؟ أم أنها مجرد تكتيك مؤقت في معركة ترامب الانتخابية؟ الأيام القادمة ستكشف مدى جدية هذه التصريحات، وقدرتها على تغيير المعادلة المعقدة في سوريا والمنطقة ككل.