نيودلهي – (رياليست عربي): تشهد العلاقات الاقتصادية بين الهند وتركمانستان تطوراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، حيث تعمل الدولتان على تعزيز التعاون الثنائي في عدة مجالات حيوية، لا سيما في قطاع الطاقة والاستثمارات المشتركة، وذلك في إطار استراتيجية الهند الرامية إلى تنويع مصادر وارداتها من الطاقة وتأمين احتياجاتها المتزايدة من الموارد الهيدروكربونية.
في الجانب المتعلق بقطاع الطاقة، تمثل خط أنابيب الغاز الطبيعي “TAPI” (تركمانستان-أفغانستان-باكستان-الهند) أحد أبرز المشاريع الاستراتيجية المشتركة بين البلدين. هذا المشروع الضخم الذي تبلغ تكلفته التقديرية 10 مليارات دولار أمريكي من المتوقع أن ينقل ما يصل إلى 33 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً من حقول غاز تركمانستان الغنية إلى الأسواق الآسيوية. على الرغم من التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه المشروع، خاصة في الأراضي الأفغانية، إلا أن الجانبين يبذلان جهوداً حثيثة لضمان تنفيذه وفق الجدول الزمني المحدد.
تسعى الهند بشكل خاص إلى تعزيز استثماراتها في قطاع النفط والغاز التركماني، حيث أبدت شركات الطاقة الهندية اهتماماً كبيراً بالمشاركة في تطوير حقول الغاز في البلاد. كما تبحث الدولتان سبل التعاون في مجال الطاقة المتجددة، خاصة في مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، في إطار التزام البلدين بأجندة الطاقة الخضراء العالمية.
في المجال التجاري، تشير البيانات إلى نمو مطرد في التبادل التجاري بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما حوالي 150 مليون دولار أمريكي في عام 2022. تعمل الدولتان حالياً على تسهيل الإجراءات الجمركية وتوسيع القاعدة التجارية لتشمل سلعاً وخدمات جديدة، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في مجال النقل والخدمات اللوجستية.
على الصعيد الاستثماري، تظهر الهند اهتماماً متزايداً بالاستثمار في البنية التحتية التركمانية، خاصة في مشاريع الموانئ والطرق والسكك الحديدية. كما تبحث الشركات الهندية فرص الاستثمار في القطاعات الدوائية والزراعية والصناعات التحويلية في تركمانستان.
في المجال الثقافي والتعليمي، تشهد العلاقات بين البلدين تطوراً إيجابياً، حيث تقدم الهند منحاً دراسية للطلاب التركمان وتنظم برامج تبادل ثقافي بين المؤسسات الأكاديمية في البلدين. كما تتعاون الدولتان في مجال التدريب المهني وتطوير الكوادر البشرية.
يأتي هذا التقارب الهندي-التركماني في سياق التوجه الإستراتيجي للهند نحو تعزيز وجودها الاقتصادي في آسيا الوسطى، وهي المنطقة التي تكتسب أهمية متزايدة في الاستراتيجية الهندية نظراً لموقعها الجيوستراتيجي وثرواتها الطبيعية الهائلة. من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من تعزيز هذه الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، خاصة في ظل المصالح الاقتصادية المتبادلة والتوجهات السياسية المتقاربة للدولتين على الساحة الدولية.