الرياض – (رياليست عربي). تشهد المملكة العربية السعودية تحولًا اقتصاديًا سريعًا يهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط وتوسيع قاعدة الدخل الوطني من خلال الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والسياحة والرياضة، ضمن إطار رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وقال وزير الاستثمار خالد الفالح في مقابلة مع شبكة CNBC إن أكثر من 50٪ من الاقتصاد السعودي أصبح منفصلًا تمامًا عن النفط، واصفًا ذلك بأنه «محطة رئيسية» في مسار التحول الاقتصادي للمملكة، أكبر مصدّر للنفط في العالم. وأضاف: «هذه النسبة في تزايد مستمر، ونحو 40٪ من إيرادات الحكومة تأتي الآن من القطاعات غير النفطية. نحقق نتائج عظيمة، لكننا غير مكتفين — نريد تسريع قصة النمو والتنويع الاقتصادي للمملكة».
الذكاء الاصطناعي في صميم المستقبل الاقتصادي
وأوضح الفالح أن المملكة تعمل على بناء بنية تحتية عالمية المستوى للذكاء الاصطناعي، تشمل مراكز بيانات ضخمة بتكاليف تنافسية عالميًا، مؤكدًا أن السعودية ستكون «مستثمرًا رئيسيًا في تطبيقات الذكاء الاصطناعي والنماذج اللغوية الضخمة».
وقال: «الذكاء الاصطناعي سيحدد مستقبل اقتصاد كل دولة. من يستثمر فيه سيقود، ومن يتخلف سيتراجع».
وبحسب جوناثان روس، الرئيس التنفيذي لشركة Groq، فإن الفائض الطاقوي السعودي يمنح المملكة ميزة استراتيجية في تطوير بنية الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن مكاسب المملكة من هذا القطاع قد تتجاوز 135 مليار دولار بحلول عام 2030، وفقًا لتقديرات PwC.
نمو القطاعات غير النفطية وتراجع الاعتماد على الخام
تشير البيانات الرسمية إلى أن إجمالي الإيرادات خلال النصف الأول من عام 2025 بلغ 565.2 مليار ريال (150.7 مليار دولار)، شكّلت عائدات النفط منها 53.4٪ فقط، مقارنة بـ68٪ في عام 2019. وفي عام 2024، نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.3٪ مدفوعًا بارتفاع القطاعات غير النفطية بنسبة 4.3٪، في حين تراجع النشاط النفطي بنسبة 4.5٪ على أساس سنوي.
ويُعد صندوق الاستثمارات العامة (PIF)، الذي تبلغ أصوله نحو 900 مليار دولار، ركيزة رئيسية في عملية التحول، إذ يستخدم أرباح النفط للاستثمار في التقنية والترفيه والرياضة. ويمتلك الصندوق حصصًا في شركات مثل Electronic Arts، كما شارك في تأسيس صندوق رؤية سوفت بنك عام 2017، واستحوذ على نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي عام 2021.
وأكد الفالح أن انخفاض أسعار النفط — حيث تراجع خام برنت بنسبة 13٪ هذا العام — لن يؤثر في الأجندة المالية السعودية، مضيفًا: «لن نقلّص الميزانيات أو نخفض الإنفاق العام. الصندوق تضاعف حجمه ست مرات منذ تأسيسه، وما زال يستثمر في قطاعات ذات أهمية وطنية إستراتيجية».
السياحة كمحرك جديد للنمو
من جانبه، قال وزير السياحة أحمد الخطيب إن مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي ارتفعت إلى 5٪ في عام 2024 مقارنة بـ3٪ في عام 2019، مؤكدًا أن المملكة تشهد «افتتاح منتجعات جديدة، وتأسيس شركات طيران ومطارات، والأرقام تنمو بسرعة».
وأوضح أن الوزارة تهدف إلى رفع مساهمة السياحة إلى 10٪ بحلول عام 2030، مع هدف بعيد المدى يبلغ 20٪، لتصبح السياحة ركيزة أساسية في بناء اقتصاد سعودي مستدام لما بعد النفط.
وأضاف الخطيب: «بلوغ نسبة 20٪ سيساعد السعودية على تنويع اقتصادها وجعله أكثر مرونة أمام تقلبات الأسواق العالمية».






