بروكسل – (رياليست عربي). يواجه الاتحاد الأوروبي في عام 2025 ضغوطاً متزايدة من كل من الولايات المتحدة والصين، بعدما انعكست قرارات اتُخذت في واشنطن وبكين مباشرة على التجارة الأوروبية والصناعة ونفوذ بروكسل السياسي، ما دفع التكتل إلى تسريع مساعيه لفتح أسواق جديدة وبناء شراكات بديلة.
ومع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أطلقت الولايات المتحدة ما يصفه مسؤولون أوروبيون بأكثر حملة تجارية عدوانية منذ قرن. فقد فُرضت تعريفات جمركية شاملة بنسبة 20% على صادرات الاتحاد الأوروبي، بينما رُفعت الرسوم على الصلب والألمنيوم إلى 50%. وزادت التوترات مع اعتراض واشنطن على التشريعات الرقمية الأوروبية، ولا سيما قانوني الأسواق الرقمية والخدمات الرقمية.
وجرت المفاوضات بين بروكسل وواشنطن في ظل ما أقر به مسؤولون أوروبيون على انفراد من اختلال واضح في ميزان القوة. فقد أفضى اتفاق صيفي إلى إلغاء الاتحاد الأوروبي الرسوم على معظم السلع الصناعية الأميركية، في حين أبقت الولايات المتحدة على تعريفات بنسبة 15% على الصادرات الأوروبية. وداخل المفوضية الأوروبية، اعترف مسؤولون بأن الاعتماد الكبير على السوق الأميركية — إضافة إلى الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا — قيد بشدة هامش المناورة الأوروبي.
في الوقت ذاته، تصاعد الضغط من الصين. فقد تدفقت صادرات صينية أعيد توجيهها من السوق الأميركية إلى أوروبا، لترتفع واردات الاتحاد الأوروبي من الصين بنحو 15% على أساس سنوي، وتجاوزت 25% في بعض الدول الأعضاء. وحذرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين من احتمال وقوع «صدمة صينية ثانية»، مشيرة إلى مخاطر الإغراق وفائض العرض على الصناعة الأوروبية.
وتفاقم الوضع بعدما فرضت بكين قيوداً على تصدير المعادن الأرضية النادرة ومواد أخرى حيوية لقطاعات السيارات والدفاع والتكنولوجيا في الاتحاد الأوروبي، ما أبرز محدودية نفوذ بروكسل على الصين. كما قوبلت الرسوم الأوروبية على السيارات الكهربائية الصينية بإجراءات انتقامية سريعة، شملت فرض رسوم مضادة على المنتجات الزراعية الأوروبية.
وعالقاً بين أكبر اقتصادين في العالم، كثف الاتحاد الأوروبي جهوده لتنويع علاقاته التجارية. فقد أُعيد إحياء المفاوضات مع الهند، وتعمق الانخراط مع شركاء جنوب شرق آسيا، واستمرت المحادثات مع تكتل ميركوسور، رغم تأجيل الاتفاق مرة أخرى بسبب خلافات داخلية أوروبية.
ويقر مسؤولون أوروبيون على نحو متزايد بأن نموذج التجارة العالمية القائم على القواعد متعددة الأطراف يتعرض للتآكل. ورداً على ذلك، يعمل الاتحاد الأوروبي على صياغة عقيدة جديدة للأمن الاقتصادي تركز على تقليص الاعتماد الخارجي وتنويع سلاسل الإمداد. ورغم سعي بروكسل للحفاظ على نفوذها عبر أكبر سوق موحدة في العالم، تضم أكثر من 400 مليون مستهلك، فإن تطورات عام 2025 كشفت حقيقة متنامية: الموازنة بين واشنطن وبكين باتت أكثر صعوبة يوماً بعد يوم.






