سانتياغو – (رياليست عربي). يصوّت التشيليون الأحد في انتخابات رئاسية وبرلمانية تُرجّح استطلاعات الرأي أن تميل إلى اليمين، في ظل تصاعد القلق من الجريمة المرتبطة بالعصابات وارتفاع الهجرة غير النظامية، وهي قضايا باتت تتجاوز الانقسامات الأيديولوجية التقليدية. ولا يُتوقع أن يحصل أي مرشح على أكثر من 50%، ما يجعل جولة إعادة في 14 ديسمبر شبه مؤكدة.
وتشهد الساحة تنافسًا بين جيانيت جارا (51 عامًا)، وزيرة العمل السابقة وعضو الحزب الشيوعي، وبين أبرز وجوه اليمين خوسيه أنطونيو كاست (59 عامًا)، المحامي المحافظ المتشدد الرافض للإجهاض والداعي إلى تقليص دور الدولة. غير أنّ هواجس الأمن دفعت الطرفين نحو الوسط السياسي:
– جارا تتحدث عن انضباط مالي،
– وكاست — الأب لتسعة أبناء والمرتبط بالتيار الكاثوليكي المحافظ — يتجنب هذه المرة الخطاب الاجتماعي التقليدي.
كلاهما يتوعد بضرب شبكات الجريمة الأجنبية وعلى رأسها عصابة “ترين دي أراجوا” الفنزويلية، المتهمة بالوقوف خلف موجة من الخطف والابتزاز والاتجار بالبشر، والتي قوّضت صورة تشيلي كواحدة من أكثر دول أمريكا اللاتينية أمانًا.
الباحث السياسي رودولفو ديسي قال إن المرشحين «يتحدثون عمّا يهم جميع الناخبين — إنهم يتنافسون على الوسط».
انقسام أصوات اليمين… ومفاجآت محتملة في الجولة الثانية
يتأخر خلف جارا وكاست كل من:
– يوهانس كايزر، النائب الليبرتاري واليوتيوبر المعروف،
– إيفيلين ماتيهي، السياسية المخضرمة من يمين الوسط.
ومع تشتت أصوات اليمين، يتوقع محللون أن تتصدر جارا بدعم من ائتلاف الرئيس غابرييل بوريك، لكن فرصها في مواجهة أحد مرشحي اليمين في جولة الإعادة تبدو صعبة. ويقول ديسي: «إذا تحركت نحو اليمين في قضايا الأمن، فإن اليمين قادر دائمًا على الذهاب أبعد منها».
التصويت الإجباري يضيف طبقة من الغموض
الانتخابات الحالية هي الأولى منذ عودة نظام التصويت الإلزامي. إذ أُضيف حوالي أربعة ملايين ناخب تلقائيًا إلى السجل الانتخابي، كثير منهم يصوّتون لأول مرة. وقد تصل الغرامة على الممتنعين إلى 100 دولار.
الباحث روبرت فونك قال: «السؤال الكبير: هل هؤلاء شباب يميلون إلى جارا، أم سكان من المناطق الهامشية منجذبون لرسالة كاست الصارمة؟».
كما تجدد تشيلي كامل مجلس النواب وثلث مجلس الشيوخ. ويُسمح لأكثر من 800 ألف مقيم أجنبي بالتصويت طوعًا، وتشير استطلاعات إلى ميل كثير منهم نحو اليمين — خاصة الفنزويليين — رغم تخوفهم من وعود الترحيل الجماعي. وقال الفنزويلي خوان بابلو سانشيز: «كنت سأصوت لكاست، لكن خطاب الترحيل يؤلمني».
الاقتصاد والهجرة والأمن… ثلاثية تحكم مزاج الناخب
جارا تدعو إلى نمو قائم على الاستثمار وانضباط في الدين العام، إضافة إلى دخل معيشي بقيمة 800 دولار لدعم الأسر المتضررة من ارتفاع الأسعار منذ احتجاجات 2019.
كاست، متأثرًا بنموذج الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، يقترح خفضًا عميقًا في الإنفاق وتقليل ضرائب الشركات، وهو ما تعتبره ماتيهي «غير واقعي». أما كايزر فيذهب أبعد، داعيًا إلى خفض 15 مليار دولار وفصل 200 ألف موظف حكومي.
جميع المرشحين يؤيدون تشديد الرقابة على الهجرة. فقد ارتفع عدد المقيمين الأجانب إلى 1.6 مليون — ضعف ما كان في 2017 — بينهم نحو 330 ألفًا بلا وثائق.
– كاست يدعو إلى بناء جدار شمالي وترحيلات واسعة،
– كايزر يقترح معسكرات احتجاز،
– ماتيهي تريد مزيدًا من الطائرات المسيّرة والدعم العسكري،
– حتى جارا تتعهد ببناء سجون جديدة وطرد المدانين من الأجانب بسرعة.
بالنسبة لكثيرين، القضية شخصية. تقول الطالبة ألاتينا فيلاسكيث (20 عامًا) التي فقدت صديقين في جرائم عصابات:
«أريد بلدًا أفضل — لي ولأطفالي مستقبلًا. والآن، هذا يعني فقط أن أستطيع العودة إلى البيت مساءً دون خوف».






