الخرطوم – (رياليست عربي): دخل السودان مرحلة من الضبابية السياسية بعد استقالة رئيس الوزراء، عبدالله حمدوك، وسط ارتباك واضح للمكونين المدني والعسكري في مجلس السيادة، وفقدان السيطرة على دفة القيادة، مع حالة تمرد شعبي غير منظمة مبعثرة الأهداف والقادة.
وعلى ما يبدو أن رد فعل القيادة السودانية، القائمة حالياً على إدارة الدولة، غير مواكبة مع المجريات التي تدور داخلياً وخارجياً، ويظل الخوف من قادم الأيام متمثل في انفلات الأوضاع وفقدان السيطرة بشكل يسمح للحركات المسلحة للعودة إلى نشاطها المنفرد، الأمر الذي من شأنه المساهمة في تحويل السودان لمعسكر إرهابي مفتوح تتوفر فيه البذور والأرض الخصبة للنمو السريع.
المشهد المأزوم هناك يثير قلق الجميع، سواء في الخارج أو المتواجدة بالإقليم، من سيناريوهات مفتوحة أفضلها مر، خاصة أن دول الجوار، القريب منها ما يعاني ويلات عشرية مرتبكة مثل مصر، وأخرى لازالت غارقة في الفوضى وأبرزها ليبيا، إضافة إلى جار يبحث عن طوق نجاة من حرب أهلية متطورة تهدد بتشرذم إثيوبيا دويلات صغرى.
الدكتورة أماني الطويل، مدير البرنامج الأفريقي بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، رأت أنه على رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ضرورة التعاطي بإيجابية سريعة مع المبادرة التي طرحتها المملكة العربية السعودية، والتي تنادي بتراجع خطوات إلى الوراء، لوضع خطوط حمراء بين القوى الأمنية والشارع، خشية الانزلاق في فوضى خلاقة مع غياب ملحوظ لأي حاضنة سياسية.
وطالبت الخبيرة في الشأن السوداني، بضرورة تجاوب الجنرال البرهان، مع جميع المبادرات الخارجية خصوصاً الإقليمية، بهدف النجاة بالوطن من دوامة عنف يساهم التعنت في زيادة منسوبها.
ورأت أن خارطة الطريق المثالية، تستدعي تخفيف حدة اللهجة والعنف تجاه القوى السياسية، في المقابل على المدنيين مناقشة مخاوف المؤسسة العسكرية ومقدرات الأمن القومي، للوصول في نهاية المطاف لبلورة إعلان سياسي مشترك، بغلق القنوات أمام التدخلات الخارجية.
على البرهان استلهام تجربة الفريق عبد الرحمن سوار الذهب، هكذا أكلمت الطويل، معتبرة أن هندسة بيئة سياسية بشكل سريع، يولد من رحمها رئيس وزراء مدني متوافق عليه شعبياً، والتراجع العسكري بعيداً عن المناصب خطوات للوراء.
على الجهة الأخرى، قال الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة السودانية، سليمان صندل حقار، إن إصرار أي طرف على رأيه، والتطرف الذي نشهده في هذه المرحلة الحرجة، سوف يقودنا حتماً إلى صراع صفري، وعندئذ الكل خاسر والوطن هو الخاسر الأكبر، وقتها لن تنفع ساعة الندم.
الشعب السوداني كله لديه مصلحة حقيقية في الديمقراطية والحرية والعدالة والاستقرار السياسي وتنفيذ السلام وعدم العودة إلى مربع العنف.
وتابع صندل، نجاح الفترة الانتقالية لا يتم إلا باحترام كل الآراء وكل الأطراف وكل الشركاء، ليس هنالك شريك أو طرف وصي على الآخر أو لديه وطنية أكثر من الآخر، أو لديه حق إضافي على الآخر بمختلف الانتماءات السياسية، ولا أحد يزايد على أحد، لذلك المخرج هو التوافق على الحد الأدنى لإدارة الفترة الانتقالية ليقول الشعب في كل أقاليم السودان المختلفة كلمته النهائية.
خاص وكالة رياليست.