دعا البرلمان الأذري إلى إقصاء فرنسا من مجموعة مينسك المكلفة القيام بوساطة بشأن النزاع في ناغورني كراباخ بعد تصويت مجلس الشيوخ الفرنسي على نص يطالب بـ”الاعتراف” بالإقليم الانفصالي، وأوصى نواب أذربيجان في قرارهم الحكومة بـ”مطالبة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بطرد فرنسا من الرئاسة المشتركة لمجموعة مينسك”، وحضوا الحكومة على “مراجعة العلاقات السياسية (…) والاقتصادية” بين باكو وباريس. طبقاً لموقع قناة “سكاي نيوز عربية“.
ما نوايا فرنسا الحقيقية بإعترافها بالإقليم؟
إن نية فرنسا لو كانت حقيقية، لتبينت مع بدء الإقتتال بين أرمينيا وأذربيجان، منذ الأيام الأولى، ولكانت قد شاركت إلى جانب يريفان، لو أن نيتها سليمة كما تدّعي، فالتصويت الذي أعلنت عنه، هو رسالة مزدوجة، ممهورة بإسم باكو، لكنها موجهة إلى أنقرة بالدرجة الأولى.
إذ يبدو أن الصراع الفرنسي – التركي بدأ يتصاعد، ويتحول من جولات إلى حرب مباشرة، بدأت مع بدء أوروبا إنتهاج سياسة لجم أنقرة، فقبل بعض الوقت، اوقفت البحرية الألمانية، سفينة تركية على السواحل الليبية، قيل إنها تحمل أسلحة، وبذلك تكون أنقرة قد خالفت قانون حظر السلاح المبرح بما يتعلق بليبيا، ما دفع بوزارة الدفاع التركية إلى إطلاق سلسلة من التصريحات في أمر إعتبرته جدياً على حد تعبيرها.
وفي السياق أيضاً، جاءت زيارة الرئيس التركي إلى قبرص الشمالية وتم الحديث عن ضمها مع حلول العام 2023، ما إعتبره الإتحاد الأوروبي إنتهاكاُ صارخاً، يضاف إلى ذلك، تحذير الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن بـ الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أنقرة من فرض عقوبات أشد صرامة عليها لمواصلتها الانتهاكات في شرق البحر المتوسط على أن يحدث ذلك، خلال إجتماع قادة التكتل خلال اجتماعهم يومي الـ10 والـ11 من ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
هل لزيارة فتحي باشاغا إلى باريس علاقة في تصعيد الخلافات الفرنسية – التركية؟
إن التجاذبات الأخيرة بين فرنسا وتركيا، والضغط الفرنسي على الأخيرة، عبر حلفائها سواء كانت أذربيجان أو ليبيا، تبين سوء العلاقات التي وصلت بينهما، فلقد إستقبلت باريس، وزير الداخلية في حكومة الوفاق الليبية، فتحي باشاغا مؤخراً، قيل إنها بطلب منه لدعمه في رئاسة الحكومة المقبلة، وشرائه لمروحيات فرنسية بحسب ما كتبه على صفحته الشخصية على موقع تويتر، وهذا أمر طبيعي، لكن الغير طبيعي أن باشاغا منتمي لتنظيم الإخوان المسلمين، وذو أصول تركيا وولائه تركي، ومدعوم من جانبها، فأن تستميل فرنسا هذا الشخص، يعني تدخل مباشر بالشأن التركي في المسألة الليبية، وهذا لم تمرره أنقرة بسهولة، لكن الوضع هنا مختلف، فعلى الرغم من الصمت الغربي حيال تصرفات تركيا، إلا أن من ستقارعهم أنقرة اليوم، ليسوا بموقع الضعفاء كسوريا أو العراق أو حتى أرمينيا، مقارنةً مع تركيا القوية جيشاً ونفوذاً، في حالتها اليوم، دون أن نغفل مسألة الخلاف الكبير بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأردوغان حيال الكلام والصور المسيئة عن النبي محمد (ص)، ما يعني أن جذور الخلاف أعمق من تصويت مجلس الشيوخ الفرنسي على مسألة الإقليم المتنازع عليه، أو حتى على زيارة باشاغا الأخيرة.
من هنا، إن فرنسا تحاول جاهدة أن تعيد مكانتها الدولية السابقة بين الدول الكبرى، والتي فقدتها مع تحكم الولايات المتحدة بقرارها وقرار أغلب الدول الأوروبية، كذلك تركيا التي فهمت هذا الأمر إنما أعطتها حليفتها واشنطن هذه القوة لتضغط بها على الأوروبيين، وتسيطر عليهم من عدة إتجاهات، وبالتالي، إن قطعت باكو علاقاتها مع باريس أو لم تقطع، لن يغير ذلك من قواعد الإشتباك بين فرنسا وتركيا، والتي ساحتها أصبحت أوسع مما هو متوقع، لكن الإنتصار في هذه الإشتباكات سيكون بالدرجة الأولى لأمريكا ومن ثم لتركيا، وستبحث فرنسا والإتحاد الأوروبي عن أسباب أخرى لتدين بها تركيا أردوغان.
فريق عمل “رياليست”.