يمثل كتاب “الثورة”، للمنظر العسكري ومسؤول الجناح المسلح لتنظيم القاعدة (المحظور داخل الاتحاد الروسي)، محمد صلاح زيدان، المكنى بـ”سيف العدل”، تحريضاً واضحاً لانتهاج ما يسمى بـ”الثورات الدموية”. احتوى كتاب “الثورة” على مجموعة من العبارات التحريضية لإشعال الثورات المسلحة، كما رصد تقييما للثورة المصرية في يناير2011، واسباب سقوط الاخوان وتيارات الاسلام السياسي في مصر.
واوضح كتاب “الثورة”، في اطار مخطط اسقاط المنطقة العربية، وتفككها في شكل مجموعات متناثرة يسهل السيطرة والهيمنة عليها، انه “لا يمكن تصور حدوث تغيير او تحول اسلامي للنظام دون ثورة مسلحة، ولا يوجد احتمال لاستسلام النظام دون مقاومة مسلحة، كما لا يوجد احتمال ان يُهزم النظام دون اللجوء الى الحرب المضادة للثورة”.
واضاف كتاب المنظر الامني لتنظيم “القاعدة”، ان الثورة لابد ان تكون في اطار تحرك شعبي منظم يهدف للإحداث تغيير جذري في النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي للدولة، واسقاط الطبقة الحاكمة ومؤسساتها ومعاقبتهم، وانه لن يتحقق ذلك الا بالعنف الممنهج. واشار منظر “القاعدة”، الى انه “لا توجد ثورات بيضاء او سلمية، فأنظمة الحكم لا تسمح بهذا، ولن يحدث تغيير بدون دماء أو أشلاء أو تضحيات، وسوف تضاف كلمة بيضاء فقط للتنويه ان نسبة الدماء فيها كانت محدودة، وان الدماء إن لم تُسكب أثناء الانفجار الثوري ستُسكب بعده وستراق بكثرة أكبر خلال فترة الدفاع عن الثورة وعند المحاكمات”.
وحول ترسيخ مفاهيم وأدبيات التنظيمات السرية المسلحة، زعم المسؤول العسكري لتنظيم “القاعدة”، في كتابه التحريضي، أن كلمة “منظم”، تعني ضرورة وجود تنظيم أو جماعة خلف الانتفاضة الشعبية، وأن الحراك الثوري لن يؤتي ثماره دون وجود جماعة وأن تنظيم يحمي تلك التحركات. واوضح سيف العدل، في تحريضه ضد الأنظمة العربية، إلى أنه لابد من “تشكيل النواة الثورية”، والتي تمثل مجموعة من المفكرين الثوريين الذين يضعون خطة استراتيجية وتكتيكية، يتحقق من خلالها أهداف الحراك الثوري المسلح.
ونوه المسؤول العسكري لتنظيم القاعدة، إلى أن التحريض الثوري لابد أن يكون على نطاق واسع مع استثمار الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها المنطقة العربية، للوصول إلى نقطة الانفجار الثوري، وهي اللحظة التي تشتد فيها الأزمة الثورية، ويتساقط معاها الضحايا، وتتولد قناعة بأنه لم يعد هناك أمل بحل الأزمة سلمياً، وأن مجرد التفكير السلمي هو خيانة للدماء.
حرض سيف العدل، المسؤول العسكري لتنظيم القاعدة، على استثمار الأزمات التاريخية للدول، بهدف بناء وعي ثوري تراكمي، يتم من خلاله شحن الجماهير الثورية ضد النظام وتكريس الفكرة المسلحة حتى تحقيق الثورة أهدافها. وحول مشروع الاغتيالات الممنهجة وتلفيقها للنظام السياسي، أوضح المسؤول العسكري، أن فكر تكريس الوعي الثوري، لن تحقق الهدف المطلوب بشكل مباشر لاسقاط الأنظمة السياسية، لكن تحتاج إلى تحريك إرادة شعبوية تنتفض جراء انفجار تتمحور حوله مثل اغتيال شخصية ثورية، أو تنفيذ استهداف لبعض القوى الثورية، يمكن من خلالها استثمار الحدث وتوظيفه في إطار المواجهة المسلحة للنظام السياسي الحاكم.
وعن مراحل تطور العمل الثوري المسلح، أشار “سيف العدل”، إلى أن تشكيل جيش عقائدي مسلح قائم على الأدبيات الجهادية، بعيدا عن عقيدة واستراتيجية الجيوش النظامية، التي تعتمد على التجنيد الإجباري، وأنه لابد من اتباع أدبيات “حرب العصابات” أو “الانتفاضة المسلحة”، لكونها الوسيلة الأنجح في صمود وتطور الحالة الثورية المسلحة، حتى لا تبقى الثورة حبيسة المدن والسلمية. وأنه ينبغي تكريس فكرة “التربية الثورية”، لدى الكوادر والعناصر الشبابية، بهدف التصدى للنظام السياسي وأجهزتها الأمنية، واسقاط هيبتها.
وأكد المسؤول العسكري لتنظيم “القاعدة”، أنه لابد من توظيف عدد من الوسائل بهدف السيطرة على الوعي الجمعي للشعوب والمجتماعات خلال الحالة الثورية، مثل المواقع الإلكترونية، والقنوات الإذاعية والتلفزيونية، والرسومات والشعارات ولافتات الشوارع، والأناشيد الثورية، والكوميديا الساخرة والأدب، وارتداء الأقنعة التي تعبر المقاومة المسلحة، والتحريض على عدم دفع فواتير الكهرباء والمياه والهواتف وسحب الأموال من البنوك، وعدم سداد الضرائب.
اضافة إلى احتلال المنشآت الحكومية والوزارات الهامة، وإعاقة المواصلات العامة، و إرهاق الحكومة وإرباكها وإظهار فشلها وعجزها عن حل المشكلات اليومية والحياتية، وإقامة محاكمات صورية لعناصر النظام وتوقيع العقوبات عليهم، وإنشاء مؤسسات بديلة تتحدى مؤسسات النظام الرسمية في تهميش النظام وجذب مزيد من الجماهير سواء كانت مؤسسات خدمية أو اقتصادية أو إعلامية، وتشويه صورة الحكومة بهدف الضغط النفسي على النظام السياسي.
وتحت عنوان ماذا حدث في مصر تعليقاً على سقوط الإخوان وفشلهم، في يونيو 2013، أكد المسؤول العسكري لتنظيم “القاعدة”، أن هناك أسباب دعت للفشل الثوري في مصر منها عدم وجود وحدة فكرية تناسب الشعب المسلم ليجتمع تحتها وتشكل له مرجعية ثابتة يأوي إليها عند الخلاف، وأن تواجد حازم صلاح أبو إسماعيل كرمز أثار الكثير من الجدل، وأن الإخوان لم يكن لديهم برنامج حقيقي لإدارة الدولة المصرية.
سيف العدل، اعتبر أنه عقب بيان 3 يوليو2013، لم يعد المناخ يحتمل الانتفاضات السلمية بل الدفع بعناصر مسلحة، و حشد الجماهير في مختلف المدن، وصناعة عصيان مدني عام يعم الدولة كلها، ولكن منصة “رابعة” تباطأت كثيراً في الأفكار الحركية وبالتالي في تنفيذها، وانشغلت بالأجواء الإمانية، والمهرجانات الكلامية. وأضاف سيف العدل في خطابه التحريضي، أنه من الأسباب الرئيسة لسقوط حكم الإخوان، التهاون مع مؤسسات الدولة مثل المجلس العسكري، والقضاء، والمخابرات الحربية ووزارة الداخلية، وأنه كان على جماعة الإخوان تدمير تلك المؤسسات، وحرق القضاء المصري كليا ودستوره في مستوعبات محارق التاريخ.
وأشار سيف العدل، إلى أن الأنظمة السياسية العربية، يجب إقصاؤها بأي وسيلة ممكنة، ومحاكمة مسؤوليها على جرائمهم في حق الدين، وأنه على الشعب المصري الثورة ضد النظام السياسي الحالي بعد تدخلاته في اسقاط حكم الإخوان وجماعات الإسلام السياسي. يذكر أن محمد صلاح الدين زيدان، المكنى بـ “سيف العدل”، ضابط سابق الجيش المصري، وارتباط بتنظيم “الجهاد المصري” (المحظور داخل الاتحاد الروسي) وقتها، وفقا للمعلومات التي ذكرها برنامج مكافحة الاٍرهاب الأمريكي.
جدير بالذكر، في السادس من مايو 1987، أُلقى القبض عليه في القضية المعروفة إعلامياً بـ “إعادة احياء تنظيم الجهاد”، والتورط في محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري حسن أبو باشا، قبل أن يُطلق سراحه لعدم كفاية الأدلة، ليهرب إلى السعودية، ومنها إلى السودان، ثم إلى أفغانستان عام 1989، ليقرر الانضمام إلى تنظيم “القاعدة”، ويصيح المسؤول العسكري للتنظيم.
عمرو فاروق- باحث في شؤون تيارات الإسلام السياسي، مركز خبراء “رياليست”.