Site icon رياليست عربي│ أخبار و تحليلات

تكرار سيناريو العراق 2003 في سوريا

مسودة الوثيقة وُزعت على ممثلي الدول الأعضاء وعددها 193 في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. وطرحت 46 دولة الوثيقة من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، ويجب أن تحظى مسودة القرار بدعم أغلبية الثلثين من الأعضاء الحاضرين والذين سيصوتون عليها خلال اجتماع لمؤتمر الدول الأطراف هذا الأسبوع. ويقترح القرار إلغاء حقوق التصويت التي لدى سوريا وحظر وجود أي مكاتب لدمشق داخل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

الذريعة

تقول المسودة أو المقترح المقدم من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إن (الاستخدام الحالي يؤكد أن الجمهورية العربية السورية أخفقت في الإعلان عن كل أسلحتها الكيماوية وتدميرها بعد أن انضمت في 2013 لمعاهدة حظر تلك الأسلحة والموقعة عام 1997، وقال لويس شاربونو مدير شؤون الأمم المتحدة في هيومن رايتس ووتش إنه يأمل في أن تشجع الخطوة الدول على ملاحقة أفراد قضائياً بالمسؤولية الجنائية عن تلك الوقائع، إنها خطوة مهمة صوب محاسبة القيادة السورية على جرائم الحرب والتصدي لأكبر أزمة انصياع للقواعد تواجهها الدول الأطراف في معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية على الإطلاق).

هذه المسودة يبدو أنها معدة وجاهزة سلفاً، لكن يريد الغرب أن تتزامن مع الاستحقاق الرئاسي الذي تعيشه سوريا في شهر مايو/أيار المقبل، وبالتالي نسف هذه العملية، لأن أبعاد هذا التقرير إذا ما عدنا بالزمن إلى عامين من الآن، ما بين حادثة دوما بريف دمشق ومنطقة سراقب في ريف حلب في العام 2018، واتهام الجيش السوري بإلقاء غاز الكلور من الجو، على المنطقتين المذكورتين، مع خلو التقرير من أية أدلة دامغة تؤكد هذه الفرضية، فقط وبحسب ادعاء المنظمة أن الأمر تم اعتماده بحسب شهود عيان من المنطقتين، اللتين كانتا واقعتين بطبيعة الحال تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية المسلحة، وهذا أمر يدفع بأن تكون الشهادات ضد الدولة السورية.

المنظمة تجاهلت تقارير عدة تم توثيقها في فترات سابقة حول وصول شحنات من الأسلحة الكيماوية وبالأخص “غاز الكلور” من ليبيا إلى تركيا ثم سوريا، وتجاهلت المنظمة تقارير عدة أيضاً للدولة الروسية موثقة بأدلة دامغة تؤكد تورط هيئة تحرير الشام الموالية لتركيا، بالتعاون مع جماعة الخوذ البيضاء، في مسرحية كان من المفروض أن تتم في مدينة الفوعة بريف ادلب وغير ذلك الكثير.

أيضاً، تجاهلت المنظمة، أن سوريا وبناءً على طلب المنظمة سلمت كامل ترسانتها الكيماوية في العام 2014، ولم يثبت أن أبقت سوريا على أي نوع من الأسلحة الكيماوية بحسب زعم الغرب، لكن هم يجيرون المسألة من وجهة نظر الطرف الآخر، لاستصدار إدانة لدمشق تفقد النظام شرعيته تحت هذه الذريعة.

الدمار الشامل

إن تقرير المنظمة واتحاد الدول المعادية لدمشق في هذا الخصوص وكما أشار مندوب روسيا الدائم في مجلس الأمن، فاسيلي نيبينزيا الذي قال: إن ما يحدث اليوم يذكرنا بالغزو الأمريكي للعراق العام 2003، تحت ذريعة وجود أسلحة دمار شامل، ليتبين لاحقاً، أن كل هذا الأمر كان (كذباً وتدليساً)، وبالتالي يحاول الغرب اليوم إعادة تكرار سيناريو العراق في سوريا، لكن يجب الانتباه لنقطة هامة جداً، وهي أن هناك محور مقابل لمحور واشنطن، تترأسه روسيا ويليها الصين وبعض الدول المتحالفة معهما، والتي لن تكرر غلطة العام 2003 تحت أي ذريعة.

هذا الأمر من الممكن أن يكون السيناريو الثالث، ما بعد السيناريو العسكري والاقتصادي، لأنهما فشلا إلى حدٍّ ما، رغم أن العامل الاقتصادي لا يعتبر أنه قطع مرحلة الخطر، لكن وفق الخطة الموضوعة حالياً، تم التخفيف من حدة الوضع الاقتصادي في الكثير من الأمور على المستوى المحلي، وأيضاً بدعم من الدول الحليفة لسوريا، ويبقى ما سينتج عن تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية هو العامل الأخطر على الأقل في هذه الفترة، لأن ما سينتج عنه على أقل تقدير زيادة عزلة دمشق دولياً.

أخيراً، إن الأزمة السورية محل جدل كبير، لا قرار دولي في إنهائها رغم تهيئة الأجواء في أكثر من مناسبة، وبالتالي، إن موقف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وسحب عضوية دمشق منها ما هو إلا فصل جديد يهدف إلى إطالة أمد الصراع وسط تمسك كل الأطراف بمواقفها خاصة الولايات المتحدة وتركيا، لأن سوريا حجر عثرة، ومع إنهاء أزمتها يعني المد الإيراني في أكثر من اتجاه وعبر سوريا إضافة إلى المشاريع الصينية المرتقبة، وهذا ما لا يمكن أن تسمح به واشنطن خاصة فتح الطرق البرية لإيران، وكذلك إنهاء مشروع طريق واحد حزام واحد الصيني.

فريق عمل “رياليست”.