Site icon رياليست عربي│ أخبار و تحليلات

أوروبا.. وخطة تقنين الغاز لضمان الانتخابات المقبلة

صورة.رويترز

صورة.رويترز

موسكو – (رياليست عربي): إن مشاكل الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة مرئية بالعين المجردة، السبب الرئيسي في ذلك، هو الصعوبات مع نورد ستريم، وقد اضطر الأوروبيون بالفعل إلى سحب الوقود من منشآت التخزين.

في أسوأ الحالات، إذا أعلنت سلطات بعض الدول الأوروبية حالة الطوارئ، فقد يكون استهلاك الغاز محدوداً، صرح مهندسو الطاقة المحليون بالفعل أن “تقنين” الإمدادات وإغلاق مرافق البنية التحتية الأقل أهمية أمر ممكن، لكن هذا يتطلب قراراً حكومياً.

التوقعات

من المتوقع، خلال عامين من الآن، أن نجد سوقاً جديداً للغاز في أوروبا، حيث سيكون هناك “اتحاد مستهلكين” سيئ السمعة، ولن تصبح روسيا المورد الرئيسي للغاز على الإطلاق، لكن بالنسبة للاتحاد الأوروبي، تجلب هذه الصورة للعالم مشكلتين رئيسيتين:

 أولاً، سيكون ثمن تنويع إمدادات الغاز من البلدان التي ليست في حالة حرب مع أوكرانيا زيادة جذرية في أسعار الغاز،و بدون شك، سيكون الاتحاد الأوروبي قادراً على التعامل مع الأسعار الجديدة، لكنها ستكون غير مريحة للغاية لمواطنيهم بالنظر إلى أن الضرائب حكماً مرشحة للارتفاع، والأهم من ذلك، أنه لن يكون من الممكن البقاء على قيد الحياة هذا الشتاء بدون روسيا.

ثانياً، سيتعين على الأوروبيين إعادة النظر بجدية في وجهة نظرهم للواقع المحيط وفهم من يرون سياسييهم وكيف يرون المشهد السياسي الأوروبي، لقد ولى زمن أصحاب الكاريزما العظماء، وكانت المستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا ميركل هي الأخيرة، لكنها ليست الأذكى في قائمة طويلة، كما تم استبدال ديغول وأديناور وجاك شيراك ببيروقراطيين أوروبيين مجهولي الهوية مثل أورسولا فون دير لاين أو أميركيين مثل كريستين لاغارد، هؤلاء، في أحسن الأحوال، لا يقررون شيئاً بأنفسهم، وفي أسوأ الأحوال، يهرعون إلى واشنطن للحصول على المشورة.

هؤلاء الذين هم في نظر العالم من النخبة، مع بلد عربي يُنظر إليه من جانبهم بأنه أقل منهم بكثير، رفض بشكل حازم بيع الغاز إلى الاتحاد الأوروبي.

مثال آخر، قد تنفد احتياطيات الغاز الألمانية بحلول العام الجديد، هنا تواجه السلطات سؤالاً منطقياً، كيف تنجو ألمانيا من الشتاء بدون إمدادات الغاز المناسبة؟ وفقاً لوكالة بلومبرغ، خلال الشهرين الماضيين، انخفض احتياطي الوقود في مرافق التخزين بنسبة 25 ٪، وتشير الصحيفة إلى أن هذا ليس نموذجياً سواء بالنسبة لألمانيا أو بالنسبة للبلدان الأوروبية الأخرى.

بالتالي، وبسبب المشكلات الفنية، كان لا بد من خفض قدرة إنتاج خط أنابيب الغاز نورد ستريم من روسيا إلى أوروبا بشكل كبير، ويتوقع الخبراء أن هذا الاتجاه يمكن أن يسبب موجة من السخط بين سكان أوروبا بسبب ارتفاع أسعار الوقود الأزرق.

كما لا يستبعد الخبراء احتمال أن تظل مرافق التخزين في الدول الأوروبية فارغة عملياً مع بداية الطقس البارد، وهذا يعني أن الأوروبيين يخاطرون بالتجميد أو أن يُتركوا بدون نمو صناعي عندما يحل الشتاء.

وأوروبا مقبلة على انتخابات تبدأ مع حلول فصل الشتاء، فإن لم تجد حلولاً لشعوبها، فحكماً إن نتائج الانتخابات ستكون كارثية على زعماء النخبة الحاليين، بسبب الاتباع المفرط للولايات المتحدة، واختيار الشريك الخطأ للوقوف إلى صفه، في حرب ربما نتيجتها محسومة لصالح روسيا، لكن السؤال المهم هنا، عند انتهاء الحرب، كيف ستعيد أوروبا بناء ما قامات بهدمه مع روسيا؟ الجواب على المدى المنظور صعب جداً، لأن الرد الروسي الذي لعب لعبته بشكل صحيح، وستتكشف نتائجها بداية الشتاء المقبل، لتتدمر ربما أنظمة واسعة من منظومة أقل ما يٌقال عنها إنها اثبتت فشلاً ذريعاً في التعاطي مع كل الأزمات.

فكم من شتاء سيمر قارساً على أوروبا، حتى تفهم أن المسؤولية عن مستقبلها تقع فقط على عاتق دول الاتحاد الأوروبي نفسها، وأنهم ، وتركوا “الاعتماد على الغاز الروسي”، ويركضون للاعتماد على دول مثل الجزائر وقطر، ولن يتمكن سوى الاستقلال الحقيقي عن الولايات المتحدة وروسيا والانتهازيين “الخضر” من إنقاذ الاتحاد الأوروبي من “عبودية” أخرى في المستقبل المنظور، سواء كان ذلك بسبب الغاز أو غيره.

خاص وكالة رياليست.