أعلن مركز المصالحة الروسي في سوريا عبر بيان له، عن أن وقفاً لإطلاق النار دخل حيز التنفيذ أمس الخميس 9 ديسمبر/ كانون الأول 2019، بناء على اتفاق روسي – تركي في محافظة إدلب التي تهيمن عليها هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة سابقاً” وتنظيمات أخرى، في شمال غرب سوريا، طبقاً لقناة فرانس 24 الفرنسية.
يأتي هذا الإعلان غداة لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نظيره التركي رجب طيب أردوغان بعد ختام زيارته إلى دمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد، حيث توقع خبراء ومحللين أن هذه الزيارة قد يعقبها إعلان وقف إطلاق النار في إدلب، في ظل المساعي الروسية للبحث عن التهدئة وإيجاد حلول سليمة سياسية، وهذا ما حدث.
من هنا، هل يتحقق وقف إطلاق النار في ضوء نوع السيطرة الإرهابية على محافظة إدلب، وقبل تحرير مدينة معرة النعمان الإستراتيجية في ريف المحافظة، فمن المعلوم أن هيئة تحرير الشام وأجناد الشام والتركستان والإيغور وأنصار الله وغيرهم من الفصائل كلها تتواجد في إدلب ومحيطها، وكلها إنطلقت من نقاط المراقبة التركية في أوقات سابقة لتنفيذ هجمات على مواقع وتحصينات الجيش السوري، دون إغفال نقل بعض الجهاديين إلى ليبيا عبر تركيا، فمسألة إلتزام هذه الأطراف بتطبيق الهدنة أمر لا ينذر بخير قادم، حيث أنهم ومع كل هدنة يعمدون إلى تحصين أنفسهم، ففي إحدى المرات السابقة قامت هيئة تحرير الشام بقيادة المحيسني “سعودي الجنسية”، بحفر أنفاق قبل بدء معركة إدلب والإعلان الأول عنها.
على المقلب الآخر، هناك ثقة مطلقة بالقرار الروسي المتعلق بسوريا، حيث رأى البعض أن زيارة الرئيس بوتين إلى دمشق وأنقرة لربما حملت في طياتها موضوع تقريب وجهات النظر، ووصل البعض إلى أن هناك وساطة روسية للمصالحة بين سوريا وتركيا، بعد أن تأكد أن هناك مساعٍ في ذات الإتجاه ومصالحات بالجملة بين الدولة السورية وبعض الدول الخليجية ومن بينها العربية السعودية بكل تأكيد، إنطلاقاً من البوابة الإماراتية، فضلاً إحياء العلاقات الأوروبية – السورية وهذه المرة عبر ألمانيا.
فما إن تتحقق المساعي الروسية سيكون ذلك تمهيداً للإسراع بتفعيل الحل السياسي وتغليبه على العسكري، خاصة وإن إنسحبت الولايات المتحدة من العراق وسوريا، عقب الإستهداف الإيراني لقاعدة عين الأسد في بغداد، بعد أن تم تحييد سوريا عن ساحة الصراع بين الجانبيين، إن صدقت توقعات البعض، فيما يبقى هذا الأمر تكهنات تبقى غير صحيحة إلى أن يثبت العكس في القريب العاجل من الأيام.
من هنا، إن سعي الإتحاد الروسي وبشخص الرئيس بوتين هذه المرة، يرشح أن هناك جملة من التفاهمات غير المعلنة بما يتعلق بالأزمة السورية، ومن المحتمل أن تدخل روسيا بثقلها على خط أحداث الأزمة الليبية، في ظل التطورات الأخيرة خاصة شرق المتوسط والذي لموسكو مصالح متعددة لها فيه، يبقى الجانب الأهم وهو إلتزام النظام التركي الشهير بتقلبه ونسفه لتعهداته والوعود التي يقطعها كل مرة تحت ذرائع ومسميات مختلفة، فيما يبدو أنهبات لا يعول على واشنطن التي إلى الآن لم تحدد آلية الرد على إيران سوى بفرض عقوبات إقتصادية جديدة عليها.
إذ سيبقى الوضع مجهول التوقع حتى نرى جميع الأطراف وإلتزامها بالهدنة المطروحة، فإن نجحت، نستطيع الإنتقال إلى مرحلة اهم وهي إنسحاب الإرهابيين من إدلب ومحيطها كما حدث في حلب الشرقية والغوطتين وريف حمص. فريق عمل “رياليست”