واشنطن – (رياليست عربي): يوماً بعد آخر، تفرض الولايات المتحدة قيودا أكثر قسوة على الصادرات والواردات التكنولوجية لغريمها اللدود، الصين، فبعد أيام من لقاء القمة مع نظيره الصيني في إندونيسيا، قررت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن فرض قيود على منتجات شركتي هواوي وزد أي الصينيتين، لخطرها على الأمن القومي.
تُعد العقوبات أحدث حملة لإخضاع عملاق التكنولوجيا الصيني، منذ أطلق ترامب رصاصتها الأولى عام 2019، كانت هواوي تغزو الأسواق الأمريكية، بدت وكأنها تشكل مستقبل التكنولوجيا في العالم بأسره، فقررت واشنطن خنقها والإجهاز عليها، فماذا يحدث خلف الكواليس وما هي بداية القصة؟
بدأ الانفتاح الصيني على أمريكا عام 1971 بعد زيارة نيكسون للصين، في محاولة أمريكية لاستثمار الخلاف المستمر بين الحزبين الشيوعيين في روسيا والصين، والذي تسبب في دعم الاتحاد السوفييتي للهند ضد الصين إثر الخلاف الحدودي بينهما عام 1962، كما تطور الخلاف الحدودي بين الصين والاتحاد السوفييتي إلى صدام مسلح عام 1969، واتجهت حينها الصين للتقارب مع الغرب بعد أن سحبت الأمم المتحدة المقعد الدائم لمجلس الأمن من تايوان لصالح الصين، وبعدها تم التقارب تدريجيّاً حتى تطبيع العلاقات مع أمريكا عام 1979.
وبعد سقوط الاتحاد السوفييتي أوائل التسعينيات والصعود الاقتصادي للصين، زادت وتيرة التوتر بين الصين وأمريكا، والتي كان من أبرزها حادثة تفتيش السفينة الصينية في 1993 بزعم تصدير مواد نووية لإيران، والقصف الأمريكي الخاطئ للسفارة الصينية في بلغراد عام 1999، بالإضافة إلى حادثة تصادم طائرة أمريكية مع طائرة صينية في جزيرة هاينان الصينية عام 2001. وعلى المستوى التجاري، مالت كفة الميزان التجاري بين الصين وأمريكا لصالح الصين بفارق كبير، واتهمت إدارة جورج بوش الصين عام 2008، بتعمد خفض عملتها لزيادة صادراتها.
الاستراتيجية الأمريكية لكبح جماح الصين
عام 2010، غيرت إدارة أوباما من استراتيجيتها في منطقة بحر الصين بغرض خلق نوع من التوازن مع الصين، وقامت بمزيد من الإجراءات العسكرية، حيث زاد جنرالات البنتاجون من معدل التعاون العسكري مع أستراليا، وقاموا باختيار موانئ مدن بريسبان وبيرث وداروين كقواعد بحرية لإيواء حاملات الطائرات الأمريكية المجهزة بالسلاح النووي لغلق المنافذ البحرية أمام الصين. وفي 2012، صرح وزير الدفاع الأمريكي بانيتا، بأن أمريكا تنوي زيادة أسطولها البحري في منطقة غرب المحيط الهادئ وشرق آسيا إلى 60 في المئة بحلول 2020، وتشمل الخطة الاحتفاظ بست حاملات طائرات وغواصات وطرادات ومدمرات وسفن قتالية ساحلية.
وفي نفس السياق، زادت أمريكا من علاقاتها مع دول بحر الصين والمتنازعة مع الصين على بعض الجزر والثروات النفطية، فتم الاتفاق مع فيتنام لاستخدام 5 قواعد عسكرية لحماية الاستقرار في بحر الصين الجنوبي، لتنضم إلى القواعد العسكرية في كل من كوريا واليابان وأستراليا وسنغافورة وتايلاند.
ما وراء التوتر بين الصين وأمريكا
في أبريل 2019، قامت مدمرتان أمريكيتان بعبور مضيق تايوان في بحر الصين الجنوبي، قبل أن تقوم مدمرة أخرى في 20 مايو من ذات العام بتهديد الأمن الحيوي الصيني، والعبور بالقرب من مجموعة من الجزر المتنازع عليها مع دول بحر الصين. أتى ذلك التصعيد بالتزامن مع العقوبات الأمريكية على شركة “هواوي” التي منعت الشركات الأمريكية من التعامل معها، حيث أتت تلك العقوبات كورقة أخيرة بعد فشل الضغوط الأمريكية الرامية لمنع الدول الأوروبية من شراء معدات شبكات الجيل الخامس من شركة “هواوي” إثر اتهامها بالتجسس، ونجحت أمريكا في منع بيع معدات هواوي في أمريكا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، إلا أن ألمانيا وفرنسا وإنجلترا صرحت بالدخول في مفاوضات لشراء تلك المعدات بدعوى عدم ثبوت تهمة التجسس على الشركة الصينية.
وانطلاقاً من الرؤية الأمريكية للصين على أنها تمثل الخطر الأكبر على الأمن القومي الأمريكي، أوقفت الولايات المتحدة التعاون مع الصين في تكنولوجيا الجيل الخامس، منعاً للتجسس على الاقتصاد والأمن القومي الأمريكي، كما يواجه الرئيس الأمريكي بايدن مشكلة معقدة بشأن الصين، فسياسته الخارجية تشمل مواقف متناقضة إزاء بكين. فكيف يمكن له أن يضغط على بكين لإجبارها على الالتزام بسياسات تجارية أكثر إنصافًا وحثها على احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، بينما يأمل في الوقت ذاته بالتعاون معها في التصدي للتغير المناخي وضمان استقرار منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ويتعلق الأمر بأسره بقدرته على إدارة المنافسة الاستراتيجية.
وما زاد من حدة التوتر الحالي، قيام رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، بزيارة تايوان رغم الرفض والتحذير الصيني من تلك الخطوة، وهو ما دفع الرئيس الصيني لمطالبة الرئيس الأمريكي بالالتزام بمبدأ “الصين الواحدة” فيما يخص سياسة الصين تجاه جارتها تايوان.
أبرز قضايا الخلاف الأمريكي الصيني
هناك عدة ملفات وقضايا شائكة تؤجج الخلاف بين الولايات المتحدة والصين، وبعضها يهدد بتصعيد الموقف بين الجانبين، ومن أبرز هذه القضايا الشائكة:
– كوفيد 19
مع بدء تفشي فيروس “كورونا” 2020 وضعف الإدارة الأمريكية في إدارة الأزمة وتراجع البنية التحتية للصحة العامة وعجز النظام عن تقديم حلول والإصرار على إجهاض دور الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، وفَّر الوباء الفرصة للصين للظهور كقوة عالمية قادرة ليس فقط على اللحاق بركب التفوق التكنولوجي الغربي، بل وإمكانية التقدم عليه والاستخدام الماهر للتكنولوجيا لتأكيد مشروعية نموذج الحوكمة الداخلية في الصين وسلامة مبادئ الحوكمة العالمية التي تدافع عنها في سياستها الخارجية.
والواقع أنه يجب النظر إلى التوتر المتصاعد بين واشنطن وبكين ارتباطًا بأزمة “كوفيد-19” على أنه جزء لا يتجزأ من التنافس الجيوسياسي الممتد بين الجانبين، منذ إعلان إدارة ترامب الصين منافسًا جيوسياسيًّا وشن حرب تجارية عليها. وتخفي هذه الحرب بدورها المصدر الرئيسي للتصعيد الحاصل بين البلدين، والمتمثل في التفوق التكنولوجي الصيني في مجال المعلومات والاتصالات. ويُدرك الأمريكيون ما كشفت عنه إدارة الأزمة حول العالم من أن هذا التفوق التكنولوجي كان عاملًا رئيسيًّا في نجاح بكين في السيطرة على الوباء واحتوائه.
ومن المؤكد أن التصعيد بين البلدين يحرم المجتمع الدولي من فرصة كبرى للتعاون والتضامن الدوليين للتعامل مع الجائحة تحت قيادة منظمة الصحة العالمية، وبالتالي ليس من مصلحة المجتمع الدولي استمرار الاتهامات المتبادلة بين الاقتصادين الأقوى في العالم وسط فراغ في الحكم العالمي. فمن الواضح أن واشنطن غير راغبةٍ الآن في الاضطلاع بالدور القيادي الذي لعبته في أزمات مماثلة كالإيدز والإيبولا، مفضلة تأجيج الصراع التجاري. وبالنسبة إلى الصين، ورغم قيامها بتقديم الدعم والمساندة الطبية والدوائية والخبرة للعديد من الدول والمنظمات الدولية فإنها لا تبدو مستعدة للقيام بهذا الدور أيضًا.
– قضية هونغ كونغ
ألغت وزارة الخارجية الأمريكية الوضع التجاري الخاص الذي كانت تتمتع به هونج كونج كمركز مالي عالمي، قائلة إن المدينة لم تعد مستقلة بما فيه الكفاية عن الصين. وكانت وراء الإجراء خطة أقرها مجلس الشعب الصيني في 28 مايو 2020 لفرض قانون للأمن الوطني على المدينة. وتقول بكين إنها طرحت الإجراء لضمان القانون والنظام ومنع التدخل الأجنبي في هونج كونج، إذ تتهم المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية في المدينة بتلقي دعم أجنبي.
لكنْ المتظاهرون في هونج كونج والعديد من الحكومات الغربية يرون أن هذه الخطوة تسحق الحريات الفريدة للمدينة، وتعهدت واشنطن بمعاقبة بكين بسبب ذلك.
– وضع تايوان
أزمة الصين مع تايوان تشبه إلى حد كبير أزمة روسيا مع جارتها أوكرانيا التي قامت على أثرها الحرب الحالية في شرق أوروبا.
وتعتبر الصين تايوان مقاطعة انفصالية يجب أن تصبح جزءًا من البلاد، ولم تستبعد الصين احتمالية استخدام القوة لتحقيق غرضها بضم جزيرة تايوان إلى حدودها.
وبموجب سياسة “الصين الواحدة”، لا تعترف واشنطن بتايوان دبلوماسيًّا، لكنها تبيع أسلحة للجزيرة ذات الحكم الذاتي الديمقراطي حتى تتمكن من الدفاع عن نفسها، وهو الأمر الذي يزيد من قلق ومخاوف الصين.
وتعتبر العلاقات التي تربط الولايات المتحدة بتايوان على المستوى العسكري أكبر تحدٍّ للصين التي تجابه أمريكا بالندية.
مؤخرًا، اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية إجراءً تصعيديًّا بزيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، لتايوان. وكانت لحظة هبوط طائرة بيلوسي لقلب العاصمة تايبيه تغييرًا متعمدًا في سياسة أمريكا التي كانت لا تعترف دبلوماسيًّا بتايوان وتلتزم بمبدأ الصين الواحدة. كما كانت تصريحات نانسي بيلوسي مطمئنة لتايوان، لكنها حملت عداءً صريحًا للصين، حيث قالت إن دعم أمريكا لتايوان سيصبح أكبر من أي وقت مضى.
وردًّا على ذلك، أصدرت الخارجية الصينية بيانًا شدد على أن الصين لن تعجز على الرد على هذه التحركات الأمريكية التي باتت أكبر تهديدًا للسلم العالمي، ولن تكون نهايتها جيدة. كما قامت بإجراء مناورات في 6 محاور بالقرب من الجزيرة الرئيسية، لتايوان، وتقف واشنطن وبكين حاليًّا على حافة الهاوية جراء الاستفزازات الأمريكية المتكررة للصين.
– بحر الصين الجنوبي
تواجهت الولايات المتحدة والصين أيضًا حول بحر الصين الجنوبي، وهو ممر مائي غني بالموارد ومصدر للنزاع في المنطقة. وتؤكد الصين أحقيتها على معظم البحر الذي بنت فيه جزرًا اصطناعية لتعزيز قوتها في المنطقة. وقد اتُّهمت بنشر سفن حربية وتسليح البؤر التي أنشأتها وبوقف سفن الصيد مثيرة غضب جيرانها. وتنفِّذ السفن الحربية الأمريكية تمارين تحت مسمى “حرية الملاحة” في البحر، وتبحر بالقرب من المعالم التي تؤكد الصين أحقيتها بها، فتؤجج غضب بكين.
الخطة الصينية لمواجهة التهديد الأمريكي
أدركت الصين أن أمريكا تحاول تضييق الخناق على تجارتها كورقة ضغط للمساومة، مما يجعل سفنها عرضة للتهديد الأمريكي، حيث تمر معظم تجارة الصين من بحر الصين الجنوبي ومضيق ملقا، وسبق وأوقفت البحرية الأمريكية سفينة حاويات صينية للتفتيش عام 1993 بذريعة تصدير مواد نووية لإيران، مما يزيد من احتمالات تزايد المضايقات الأمريكية للتجارة الصينية مستقبلًا في حالة نشوب أزمة بين البلدين، مما دفعها لتطبيق عدة استراتيجيات، وكان من أبرزها:
1- طريق الحرير
أطلقت الصين عام 2013 مشروع الحزام والطريق (one belt one road)، وهو عبارة عن مشروع ضخم لربط 68 دولة في آسيا وإفريقيا وأوروبا، بطرق برية وسكك حديدية وخطوط ملاحة، ويهدف لربط الصين مع ثلثي سكان العالم بعيدًا عن النفوذ الأمريكي، حيث قامت الصين بإطلاق أول قطار من شرق الصين إلى لندن في 2017، كما أعلنت الصين عن عدة مشاريع مكملة لطريق الحرير مثل:
– قناة نيكارجوا التي تربط المحيط الهادئ بالمحيط الأطلنطي، وتعد بديلًا عن قناة بنما التي يسيطر عليها الجيش الأمريكي، والتي بدأ العمل فيها من 2016، إلا أن المشروع تم تعليقه لأسباب تمويلية.
– الممر الشمالي الغربي، وهو ممر موسمي بدأت الصين في الترويج له منذ 2016 كمنافس قوي لقناتي السويس وبنما، ويختصر الوقت والمسافة بين موانئ الصين وموانئ شمال أوروبا، ويشهد زيادة مضطردة في عدد السفن المارة به.
– قناة برزخ كرايسثموس في تايلاند (Thai Canal) ستوفر 1200 كم من الملاحة، وتعمل كممر بديل عن مضيق ملقا الذي يخضع عمليًّا للوصاية الأمريكية، إلا أن الانقلاب العسكري المدعوم أمريكيًّا في عام 2014، أتى بحكومة غير مرحبة بذلك المشروع، حيث أعلنت الحكومة التايلاندية في 2018 عدم تحمسها لذلك المشروع.
– ممر التنمية الباكستاني الذي أعلن عنه عام 2015 لربط غرب الصين بميناء جوادر المطل على بحر العرب، وتم بالفعل تشييد طرق وسكك حديدية، ويتيح ذلك الممر ربط غرب الصين ببحر العرب القريب من الخليج العربي حيث مصادر الطاقة، كما يسمح بتصدير البضائع الصينية دون المرور ببحر الصين الجنوبي حيث الأساطيل الأمريكية.
2- استراتيجية اللؤلؤ
يعتمد المحور الثاني في الاستراتيجية الصينية على الاستحواذ على سلسلة موانئ في المحيط الهندي وما بعده لحماية خطوط التجارة الصينية، وقامت الصين عام 2017 بافتتاح قاعدة عسكرية لها في جيبوتي، كما قامت في 2018 ببناء قاعدة جيواني العسكرية لها في باكستان على بعد 500 كم من مضيق هرمز لتأمين وارداتها من الغاز والنفط الخليجيين، فضلًا عن الاستحواذ على ميناء هامبانتوتا في سريلانكا مؤخرًا. كما تعتمد استراتيجية الصين في تأمين الساحل الشرقي، على بناء عدة جزر صناعية في بحر الصين الجنوبي وبناء دفاعات عليها كمراكز متقدمة للدفاع عن الساحل الحيوي.
3- تأمين واردات الغاز والنفط
افتتحت الصين في عام 2009 خطاً لنقل الغاز من تركمنسان، كما افتتحت في نفس العام خطًّا لنقل الغاز المسال من ساحل بورما إلى جنوب الصين، كما أعلنت روسيا بدء ضخ الغاز للصين أواخر عام 2019 ضمن مشروع لنقل خط الغاز الروسي للصين (قوة سيبريا)، كما تم تمديد خط لنقل الغاز المسال من ميناء جوادر الباكستاني لغرب الصين، بالتزامن مع توقيع الصين مع قطر عقد لشراء الغاز المسال لمدة 22 عامًا.
4- التعامل بالعملة المحلية
بعد تأمين إمدادات النفط والغاز والبدء في إنشاء طرق تجارة بعيدة عن الأيادي الأمريكية، أعلنت الصين في 2018 إبرامها عقودًا لشراء النفط باليوان المغطى بالذهب، كما اتفقت الصين مع مجموعة “غازبروم” الروسية في أغسطس 2022 على أنها ستبدأ تسديد ثمن شحنات الغاز الروسي بالروبل واليوان بدلًا من الدولار.
وتدفع الإجراءات الصينية بالتوجه للتجارة باليوان المغطى بالذهب، إلى دخول المزيد من الدول إلى نادي اليوان الذهبي سعيًا للخروج من هيمنة الدولار على التجارة العالمية، الأمر الذي ينذر بنهاية سيطرة الدولار على الاقتصاد العالمي، وحدوث موجة تضخم كبيرة في أمريكا حال العزوف عن الورقة الخضراء.
السيناريوهات المستقبلية
السيناريو الأول: هو السيناريو الأوكراني الكلاسيكي القائم على الاجتياح الصيني الكامل لكل الجزيرة التايوانية، مما يسفر عن اندلاع حرب مباشرة بين الصين من جهة والولايات المتحدة وتايوان والغرب من جهة أخرى، لكن هذا السيناريو يبدو بعيد التحقق على أرض الواقع لعدة أسباب، منها:
– كشفت الحرب الروسية-الأوكرانية الهشاشة العالمية في سلاسل الإمداد، ولعل الأرفف الخالية في الولايات المتحدة ومشكلة حليب الأطفال أكدتا أن دول العالم غير مستعدة للدخول في حروب جديدة وطويلة.
– يعتمد الاقتصاد الصيني والرصيد الضخم من العملات الأجنبية الصينية على الولايات المتحدة والدول الغربية، فوفق بيانات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لعام 2021 فإن التجارة البينية، بين الصين والولايات المتحدة، بلغت 750 مليار دولار، وبين الصين والاتحاد الأوروبي نحو 850 مليارًا، وبين الصين وحلفاء أمريكا الآسيويين الثلاثة اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، بلغ أكثر من 600 مليار دولار، وهو ما يعني أن معدل التجارة بين الصين من جانب وحلفاء الولايات المتحدة من جانب آخر بلغ نحو تريليوني دولار عام 2021، وكلها أسباب تجعل الطرفين يفكران ألف مرة قبل الدخول في حرب واسعة أو شاملة في شرق آسيا.
– رغم التوترات الجارية والخلافات المحتدمة بين البلدين والتي تشمل الأوضاع في بحر الصين الجنوبي وشبه الجزيرة الكورية وتايوان وانزعاج الصين من التدخل الأمريكي في النزاعات الأمنية في الجوار المباشر للصين، فإن البلدين قد وصلا إلى حال من الاعتماد الاقتصادي والتجاري المتبادل يتعذر معه نشوب نزاع مسلح بينهما، وإن ظلت المناكفات والحرب الإعلامية بينهما على ما هي عليه.
السيناريو الثاني: رغم النفي القاطع من الصين لفكرة ضم جزيرة تايوان بالقوة على غرار السيناريو الروسي الأوكراني فإن فكرة الانضمام الطوعي لجزيرة تايوان مع الصين غير واردة، فالصين تستكمل أدواتها السياسية والعسكرية والاقتصادية، لضم تايوان في النهاية، كما أن القيادة الصينية تعمل تحت ضغط هائل فيما يتعلق بتايوان، فالرئيس الصيني يحتاج إلى ولاية ثالثة من الحكم تبدأ في أكتوبر المقبل، كما أن التنازل في تايوان قد يفتح الباب أمام مناطق أخرى تريد الاستقلال عن الصين سواء في هونغ كونغ أو شينجيانغ أو إقليم التبت، بل قد يشجع أي تنازل صيني في تايوان بعض الدول الأخرى التي تطالب بأجزاء، تراها الصين جزءًا من أراضيها وسيادتها مثل جزر بحر الصين الجنوبي.
خاص وكالة رياليست.