قال المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن: “إن مزاعم النظام التركي بحسب ما أدلى به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن وجود شركات عسكرية روسية عاملة في ليبيا أمر بعيد ومنافي للواقع على الأرض”، طبقاً لوكالة “سانا” للأنباء.
إن الإنقلاب التركي المفاجئ على الصديق الروسي يعتبر بداية لتصدع العلاقات بين الجانبين، ففي مقابلة مع مدير مركز خبراء “رياليست” الدكتور عمرو الديب، بعنوان “هل التصادم التركي – الروسي يقترب بسبب الأوضاع في إدلب؟” ومما جاء فيها: “كل ما يحدث في إدلب حالياً متصل بالموضوع الليبي حتى هذه اللحظة، والسبب عدم دعم روسيا الكامل لتركيا في الملف الليبي”، من هنا إن ما تقوم به أنقرة من إلقاء الإتهامات حول شركات عسكرية روسية عاملة في ليبيا “فاغنر” هو أمر كما ذكر بوغدانوف أمر غير صحيح، ولكن الصحيح أن النظام التركي هو من نقل الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا وتم توثيق وصولهم فضلاً عن شحنات الأسلحة المرسلة منهم إلى قوات حكومة الوفاق الليبية.
إلى ذلك، إن الأزمة الليبية صعدت الخلاف أيضاً بين تركيا ودول بحر المتوسط وفي مقدمتها اليونان ومصر، فالسياسة الخارجية التركية إنتقلت من صفر مشاكل إلى مشاكل حقيقية في دول الجوار، وكل التصاريح الجانبية لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن هو للشكوى والمطالبات من شركائهم بإيجاد الحلول، في محاولة لصرف أخطائهم عنهم ونسبها لغيرهم، إذ يستق إتهام تركيا وتقرير البنتاغون حول شركة فاغنر، ما يعني أن هناك محاولة لإخراج موسكو من الملف الليبي خاصة بعد فشل المفاوضات إزاء الهدنة بين المشير خليفة حفتر وفائز السراج.
وفي سياقٍ متصل، ذكر مدير مركز خبراء رياليست “الديب”: أن هناك تركيا خففت كثيراً عن إستيراد الغاز الروسي في العام 2019، وهذا أيضاً أمر مهم، يعني أن هناك إختلافات روسية – تركية بدأت في العديد من الأمور، ولذلك رأينا حتى زيارة رجب طيب أردوغان إلى أوكرانيا وتأكيده على عدم إعترافه بضم شبه جزيرة القرم، هذا أمر يصدر من عدو وليس من صديق لروسيا.
إذاً كل هذه العوامل ليست وليدة اللحظة فهي عبارة عن تراكمات إفتعلتها السياسة الخارجية التركية التي لا يمكن لها كما يتم توصيفها بأن تنقلب على الحليف المتين الولايات المتحدة الأمريكية ولو للحظة، إذ تبين ان واشنطن ستقوم بإستثمار هذا الحدث لصالح تخريب العلاقات الروسية – التركية أو على الأقل الحد منها بما يخدم المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في سوريا نتيجة الإنتصارات التي تحققت بدعم روسيا الواضح فيها.
من هنا، ليس مستغرباً تلقي السفير الروسي في أنقرة أليكسي يرخوف تهديدات بعد إنتصارات حلب، وإستهداف لعسكريين روس في ريف حلب، في إشارة واضحة أن تركيا ترغب في التصعيد السياسي والميداني، ليبقى الرد الروسي هو الحازم فهل ستصمت إزاء قلة أدب النظام التركي معها أم ستستمر في التعامل معه وتغليب المصالح الاقتصادية على السياسيةّ!