يعتزم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش، تعيين الدبلوماسي السلوفاكي المخضرم يان كوبيش مبعوثاً دولياً إلى ليبيا وذلك بعد نحو عام من استقالة الوسيط السابق، ويأتي التعيين المرتقب بعد أن وافق مجلس الأمن الشهر الماضي على خطة غويتريش تعيين الدبلوماسي البلغاري نيكولاي ملادينوف مبعوثاً في ليبيا، لكن الأخير أبلغ الأمين العام بعدها بأسبوع بأنه لن يتمكن من الاضطلاع بالمهمة “لأسباب شخصية وعائلية”، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
من هو يان كوبيش؟
كان كوبيش وزيراً للخارجية في سلوفاكيا، ويشغل حالياً منصب منسق الأمم المتحدة الخاص في لبنان. كما عمل من قبل مبعوثاً للأمم المتحدة في أفغانستان والعراق، طبقاً لذات المصدر. بعد استقالة المبعوث السابق غسان سلامة واعتذار خلفه البلغاري نيكولاي ملادينوف، بات لزاماً على الأمم المتحدة تعيين خلفاً لهما، في ضوء الفراغ الحاصل منذ أكثر من عام، فهل بتعيين المبعوث الجديد، تتفرد الأمم المتحدة بقرارها؟ وهل ستوافق الولايات المتحدة على هذا القرار؟ وبماذا سيعود بالنفع على ليبيا هذا التعيين؟
قيادة أممية ظاهرياً
إن اعتذار ملادينوف جاء في وقت حساس جداً، حيث كانت ليبيا في خضم العملية السياسية في ملتقى تونس، وبدأ الصراع حول الأسماء وترسيخ دور الإسلاميين، الأمر الذي أغضب شريحة واسعة من الليبيين على المستويين الشعبي والرسمي، خصوصاً تعتيم النقل حول ما يحدث داخل أروقة الملتقى، ودور ستيفاني وليامز نائب سلامة، القائمة بأعمال المبعوث الليبي منذ ذلك الحين، فالعملية المتسارعة للأمم المتحدة هي قطع الطريق على كل محاولات الاستفراد بليبيا، حتى وإن كانت لا تمرر شيء بدون الرجوع إلى الولايات المتحدة، التي كانت بطريقة أو بأخرى سبباً باعتذار ملادينوف بسبب رغبة بعض الدول في أن يعين الأمين العام للأمم المتحدة أولاً من يخلف ملادينوف في الوساطة بين إسرائيل والفلسطينيين.
وبعد أن حققت الأمم المتحدة في السابق الكثير من النجاحات وكذلك الإخفاقات، في الملف الليبي، لم يعد الموضوع مرتبطاً بتعيين المبعوثين من عدمه، بقدر ما يبدو أن هناك أجندة يُراد تمريرها عبر منظمة الأمم المتحدة، وهذا كما أشرنا توضح بشكل قاطع في الدور الذي تمارسه ويليامز، والتي تطمح إلى أبعد ما يكون عن الإنابة، لكن أيضاً، أثبتت ضعفاً في تحقيق الأهداف المناطة بها وبالتالي، يحتاجون إلى شخصية قيادية تستطيع إخضاع الأطراف لتنفيذ كل القرارات التي ستصدر سواء في المرحلة الحالية أو المقبلة.
الدور الأمريكي
وأما دور الولايات المتحدة في الفترة الرئاسية للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، تبين ان هناك فريقاً خاصاً معنياً بالتنسيق مع دول كتركيا وقطر في الملف الليبي وشخصيات رفيعة المستوى تم الكشف عنها في مرحلة سابقة، فلقد كانت الولايات المتحدة ترمي إلى توزيع مهام المنصب على شخصين يتولى الأول مهمة الأمم المتحدة السياسية بينما يركز مبعوث خاص على جهود الوساطة، ولم يكن أمام الأمم المتحدة إلا أن وافقت على ذلك، والتنفيذ في سبتمبر/ أيلول المقبل، طبقاً للمعلومات.
ما يعني أن المبعوث الجديد سيتسلم مهامه بمباركة أمريكية بعد ضم جميع الأطراف تحت الجناح الأمريكي لجهة تنفيذ الأجندة الخاصة بها، واقتصار الدور الأممي على التنفيذ لا أكثر ولا أقل.
وفيما يتعلق بمصلحة ليبيا من ذلك، لا يبدو أن هناك شيئاً سيتغير، باستثناء الأسماء، فلم تمنع الهدنة المبرمة من بعض العمليات الإرهابية على الأراضي الليبية، ولم يمنع قرار وقف تدفق الأسلحة إلى ليبيا من مواصلة تركيا بشحن الأسلحة والمرتزقة، ولم ينفذ بند خروج المقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية إلى الآن. فلا مصلحة حقيقية لليبيا ولا للشعب الليبي ما يعني أن إنفراج الأوضاع بعيد، على المدى المنظور إن جاز التعبير.
أخيراً، إن الأزمات التي تحيط بالمنطقة، لا يبدو أنها ستجد حلولاً تتوافق وتطلعات الشعوب، فطالما ليبيا بلد غني بالثروات، لن تنتهي الأطماع منه ولن يكون هناك أي توافق، مع كثرة اللاعبين الإقليميين والدوليين، يضاف إليهم دور الأمم المتحدة المتناسق والمتسق مع المشروع الغربي ككل حول ليبيا.
فريق عمل “رياليست“.