أفاد بيان لمجلس وزراء السودان أن رئيس الحكومة عبد الله حمدوك قبل استقالة ستة وزراء، بينهم وزيرة الخارجية، وأعفى وزير الصحة، وذلك بعد تعهده بإجراء تعديلات وزارية ليلة مواكب 30 يونيو/حزيران الماضي التي طالبت بتصحيح مسار الثورة، طبقاً لـ “قناة الجزيرة“.
وأفاد إعلام مجلس الوزراء السوداني بأن التعديل الوزاري يأتي التزاما بما جاء في خطاب وجهه حمدوك للشعب السوداني في 29 يونيو/حزيران الماضي، عشية مواكب 30 يونيو/حزيران التي طالبت بتصحيح مسار الثورة السودانية وبإنجاز استحقاقات الفترة الانتقالية، وبإقالة الحكومة.
مع إسقاط الرئيس السوداني عمر البشير، إنتهجت السودان الجديدة سياسة صارمة تحاول الحكومة فيها برئاسة عبد الله حمدوك، تنفيذاً وتطبيقاً لمطالب الثورة السودانية في الشكل الظاهري، بينما تقول الأوساط الإعلامية، إن الإقالات هي نتيجة حتمية لأن يتم إشراك الجبهات الأخرى، خاصة المسلحة منها، وكسب تأييدها وتحويلها من خصم إلى شريك، خاصة وأن الفترة المقبلة “خلال أسبوع”، تتحدث عن إمكانية التوصل إلى توقيع إتفاق سلام مبدئي مع فصائل الجبهة الثورية في مدينة جوبا، لجهة تقاسم السلطة، وبواسطة جنوب السودان.
أيضاً من الممكن تفسير هذه الإقالات، لتلميع صورة الحكومة الحالية خاصة بعد إنتقادات شديدة وإتهامها بالفشل، بما يتعلق بمستحقات الفترة الإنتقالية، إلا أن رئيس الحكومة لم ينكر ذلك، وقال إن الفترة الإنتقالية تمر بأوقات جيدة وأخرى سيئة ومن الطبيعي أن تعترضها صعوبات من حينٍ إلى آخر، والإنجاز يكون بالمضي قدماً والإستفادة من الأخطاء وتصحيحها.
إلا أن حال السودان، كحال كل البلاد التي شهدت تغييرات أنظمة فيها، لكن فيما يبدو أن التغييرات في الحقائب الوزارية ما هي إلا حركة إعادة بناء الحكومة بما يتناسب وفهم آلية السودان الجديد، وسط بروز خطوط سياسية لتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير المتمسك بقرارات الثورة السودانية، إلى جانب الجيش، فجميع القوى في السودان تطمح إلى تقاسم السلطة بما يقطع طريق الإستئثار بها على فئة معينة، وهذا ما تنبه له حمدوك جيداً، لتكون عملية إشراك الجميع هي كإعادة لترتيب البيت الداخلي، أو ستعود الإنقسامات مجدداً، وسط مؤيدين ورافضين.
الجدير بالذكر، أن مغادرة رئيس المالية وبحسب خبراء من السودان، أنه بذل جهوداً كبيرة في محاولة إصلاح الاقتصاد السوداني، لكن هذا لم يغفر له في ظل وجود أزمة سياسية شديدة خاصة في قوى الحرية والتغيير، حتى وزير الصحة بحسب مصادر محلية كان لا بأس به، في حين بقاء وزير الصناعة والتجارة والذي تعرض لإنتقادات وصلت لدرجة الإحتجاجات ضده خاصة في ما يتعلق بمسألة الأسعار وما شابه ذلك، لكن لم تتم إقالته، الأمر الذي أثار علامات إستفهام كبيرة في الشارع السوداني.
من هنا، لن تنجح الحكومة الحالية من خلال هذه التعديلات بإمتصاص غضب الشارع السوداني، خاصة في ضوء عودتها مجدداً، لأن هذه التعديلات ليست شاملة لكل القطاعات بل هي تعديلات محدودة، وقد تكون مجرد جس نبض لتبيان الخصوم من المعارضين بشكل أوضح، خاصة وأن حركات الكفاح المسلح ستدخل في منظمة هذا التعديل، ضمن محاصصات وزارية لم تقدم الكثير، لكن المنتظر حالياً هو إلتزام رئيس الوزراء حمدوك بالوعد الذي قطعه لأجل إجراء إصلاحات شاملة التي تعتريها طريق طويل وتحديات كثيرة وكله مرتبط بالتشكيلة الوزارية المقبلة، خاصة بعد توقيع السلام الذي من خلاله سيتم الكشف عن وجوه جديدة في الطاقم الوزاري.
فريق عمل “رياليست”.