لليوم الثاني على التوالي، قال شهود إن الشرطة اليونانية والشرطة التركية أطلقا الغاز المسيل للدموع لتفريق لاجئين رشقوها بالحجارة محاولين شق طريقهم بالقوة عبر الحدود من تركيا وخلفهم آلاف آخرون بعد أن خففت أنقرة القيود عليهم، حيث استمرت الاشتباكات لليوم الثاني على التوالي عند المعبر الحدودي عند مدينة كاستانيي اليونانية، وسعت الشرطة لدفع المهاجرين للعودة من حيث أتوا بإطلاق الغاز المسيل للدموع، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
مع إنطلاقة معركة إدلب في شمال غرب سوريا، وتطور الأحداث فيها من خلال التصعيد الأخير الذي قتل على إثره عشرات الجنود الأتراك، وعجز النظام التركي الواضح في جلب الدعم سواء من حلف شمال الأطلسي – الناتو أو حتى من الولايات المتحدة الأمريكية التي صرحت عبر وزير خارجيتها مايك بومبيو أن الدعم سيكون على شكل تبادل للمعلومات وبالعتاد دون توضيح نوعه وإذا ما كان كالطلب التركي من واشنطن أي نظام بطاريات باتريوت الأمريكي.
بموازاة ذلك، كان قد أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تهديداتٍ سابقة حول فتح الحدود امام ما لا يقل عن ثلاثة مليون لاجئ، إبان إطلاقه لعملية “نبع السلام” العسكرية في شمال شرق سوريا، على خلفية شجب وتنديد أوروبي واسع حيالها، ليعيد موقفه من التهديد ويحوله إلى حقيقة بعد الرفض الواسع لدعمه في عملية “درع الربيع” في الشمال السوري كما تمت تسميتها، ليحدث زحف بشري كبير جداً نحو الحدود التركية – الأوروبية خاصةً اليونان وبلغاريا والمجر الذين إتخذوا تدابير مشددة مع إطلاق أردوغان لتهديده، إلا أن كل التدابير لم تحقق شيئاً ملحوظاً، فلقد ذكرت الحكومة اليونانية أنها إستطاعت إيقاف حوالي 4000 مهاجر، في حيت قالت الداخلية التركية إن حوالي 76 ألفاً من اللاجئين قد عبروا فعلاً إلى أوروبا.
إلى ذلك، قالت اليونان إن ما قامت به أنقرة لا علاقة له بمعركة إدلب السورية معتبرة أنه إنتقام تركي من أوروبا لأسبابٍ كثيرة لعل أبرزها الرفض الأوروبي القديم – الجديد لدخول تركيا إلى الإتحاد الأوروبي، وثانيهما موقف الإتحاد الأوروبي الرافض للتدخل العسكري التركي سواء في سوريا أو في ليبيا، إلا فيما نذر بما يتعلق بالحالة السورية، وثالثهما، رفض مشاركة كل من أوروبا عبر دولها المنخرطة في حلف الناتو أو الولايات المتحدة ورفضها تقديم سلاح نوعي للنظام التركي.
من هنا، إن رجب طيب أردوغان بتصرفه هذا قد أسقط ورقة التوت الأخيرة التي كان يبتز بها أوروبا، ومع إنفلات الوضع الأمني على الحدود لربما قد تتأخر الدول الأوروبية في علاج المشكلة لكن من المؤكد أنها ستجد حل لها، وبذلك تتوقف المدفوعات التي كان يعول أردوغان عليها تعويضاً عن إيواءه لملايين المهجرين، فضلاً على أن أوروبا أصبحت في موقف قوة مجدداً وستتخذ تدابير صارمة ضده بعد تصرفه الأخير، وبالتالي ستشهد الأيام القادمة تطورات كبيرة تذهب بتركيا نحو قطيعة مع بعض الدول الأوروبية، الأمر الذي سيؤثر على النظام التركي من الناحية الاقتصادية خاصة لجهة توريد الغاز سواء خط الأناضول الشريك به أو حتى السيل التركي مع روسيا، حيث ستبحث أوروبا عن بدائل، فضلاً عن توقف السياح الروس زيارة تركيا، على خلفية مداهمة وإعتقال موظفي وكالة سبوتنيك الروسية وقبلها توجيه تهديدات للسفير الروسي لدى أنقرة، كل ذلك سيؤثر على تركيا – أردوغان بعد أن يبدأ الغرب بقصقة أجنحته وبالطبع إضافة إلى الإتحاد الروسي الذي سيعمل على تحجيم علاقته بأنقرة بعد التطورات التصعيدية الأخيرة.
فريق عمل “رياليست”