لعب القائد العسكري خليفة حفتر، دوراً بارزاً في الرفع الجزئي لحظر نفطي خلال الأسبوع الماضي يُظهر أنه لا يزال يلعب دوراً محورياً في شرق ليبيا، حيث بنى جهازاً أمنياً على مدى السنوات الست الماضية، وذلك طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
هل حقق الحوار الليبي – الليبي النتيجة المرجوة؟
لا شك أن الاتفاق الأخير بين نائب رئيس المجلس الرئاسي في حكومة الوفاق الليبية، أحمد معيتيق، والقيادة الشرقية في ليبيا، حققت النتيجة الأفضل التي لم يكن يتوقعها الشعب الليبي منذ بداية الحرب على ليبيا وإلى الآن، هذا الحوار أفضى إلى إعادة إنتاج النفط والغاز وتصديره إلى الخارج، وجاء في الاتفاق بند يركز على مبدأ التوزيع العادل للعائدات النفطية بما يضمن حقوق الفريقين.
إن الحوار الليبي – الليبي ولأول مرة يوحّد الغرب الليبي مع شرقه بعيداً عن السلطة والتجاذبات السياسية، وحقول نفطية ستدخل الخدمة وبقدرة ضخ 260 ألف برميل يومياً ويعتبر حقل الشرارة الذي كان واقعاً تحت سيطرة ميليشيات مسلحة، وحقل الفيل النفطيين هما الأغزر طاقةً لكنهما قيد الصيانة وسيدخلان الخدمة في الأسبوع القادم.
ما علاقة المظاهرات الشعبية بهذا الاتفاق؟
بعد إستحواذ حكومة الوفاق بقيادة فائز السراج طيلة سنوات على مقدرات ليبيا الطاقوية مع تأثير القوات الأجنبية المنخرطة إلى جانب هذه الحكومة في قرارها، لكن مع تردي الأوضاع المعيشية والخدمية وضيق المواطنين من هذا الواقع دفعهم للخروج بالآلاف إلى الشوارع مطالبين بتحصيل حقوقهم، وإستقالة الحكومة الحالية، فضلاً عن ممارسات الميليشيات والمرتزقة الأجانب السيئة بحقهم، عوامل دفعت إلى وضع الخلافات جانباً والبدء بتوحيد البيت الداخلي الليبي ونجح الأمر إلى الآن.
هذه الخطوة لاقت الكثير من محاولات الإفشال وكشفت عن رموز فساد كبيرة بين مسؤولي حكومة الوفاق، الذين حاولوا التعطيل، وهاجموا أحمد معيتيق لدرجة إعاقة سفره إلى الاجتماع مع القيادة الشرقية، لكنه نجح، وحتى الشركة الوطنية للنفط التابعة لحكومة الوفاق ذكرت أنها ستبدأ تنفيذ المشاريع النفطية في الأسبوع المقبل، ما يعني أن كل الليبيين بحاجة ماسة إلى النهوض ببلدهم بعد سنوات من الركود والعوز الاقتصادي واضعين كل الخلافات الأخرى جانباً.
هل أصبح الجنرال حفتر رقماً صعباً في المعادلة السياسية؟
لا شك أن قدرة القائد العسكري قوية على كسب المناورات من منطلق عسكري لشخصية قيادية إستطاعت ربط موانئ ليبيا الواقعة تحت سيطرته مع الحقول الواقعة تحت سيطرة حكومة الغرب الليبي، وبالتالي أنجز مهمة كانت مستحيلة التحقيق وسط سيطرة القوى الغربية على قرار الوفاق السياسي، فبهذه الخطوة أنقذ الشعب الليبي من ظروف إقتصادية متردية، إضافة إلى تحقيق مكسب سياسي ربما سيضع الأمور لاحقاً على مسار تفاوضي يبعد شبح المعارك والقتال والتدخلات الأجنبية، ويتم التوافق وتوزيع المناصب السياسية بين الأفرقاء جميعاً والوحدة بين صفوف الشعب الليبي، فعلى الرغم من بُعد هذه الخطوة على المدى المنظور لكنها قد تتحقق طالما الخطوة الأولى تفعّلت.
أيضاً، الغرب الأوروبي الذي إنتهج موقفاً سلبياً من الجنرال حفتر، أصبح هناك تغيراً في الخطاب، ومطالبات بإشراكه بالعملية السياسة من الناحية “الشرعية” الدولية أسوةً بحكومة الوفاق، وهذا ما تطالب به فرنسا، ما يعني أن دائرة الداعمين لقوات شرق ليبيا بدأت بالتوسع، وكله يصب في صالح الجنرال حفتر، ويعكس رغبة دولية حقيقية بإيجاد طريقة معينة تكون قوات شرق ليبيا طرفاً رئيسياً شرعياً في السلطة الليبية.
من هنا، إن الاتفاق على إنتاج النفط الليبي، يعد الحجر الأساس في بداية إنهاء الحقبة السوداء التي طالت الدولة الليبية، وقطعت الطريق إلى حد ما على القوى الأجنبية التي قبلت بها على مضض، كتركيا، وعززت الأمل للإقتصاد الأوروبي الهش في ضوء وجود شركات أوروبية عديدة عاملة في مجال النفط، وهذا الاتفاق قد يكون بداية نهاية المعارك والذهاب نحو حوار جديد سياسي يجيز للجميع المشاركة في السلطة والقرار الليبي.
فريق عمل “رياليست”.