قال يوري بوريسوف، نائب رئيس الوزراء الروسي: “إن موسكو تحاول مساعدة سوريا في كسر حصار إقتصادي سببته العقوبات الأمريكية الجديدة التي تمنع تدفق الإستثمار الأجنبي على الاقتصاد السوري”، مضيفاً أن “العقوبات التي تعرف باسم “قانون قيصر”، لا تسمح بجذب الإستثمار إلى الاقتصاد السوري، وفي واقع الأمر، هذا حصار، موقف هدام من جانب الولايات المتحدة والدول الغربية، نبذل جهوداً مشتركة لكسره”. طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
ما أسباب زيارة الوفد الروسي؟
إن عنوان زيارة الوفد الروسي إلى العاصمة السورية – دمشق في هذا التوقيت، عنوانها إقتصادي بحت، رغم أن الملفين السياسي والعسكري ليسا بأقل حدة من الأوضاع الاقتصادية التي تعصف بسوريا جراء العقوبات الأمريكية الأخيرة ضمن ما يعرف بـ “قانون قيصر” والتي قد ظهرت تداعياتها بشكل ملحوظ مؤخراً، خاصة في مجال الطاقة، كان لابد من إيجاد حلول ما تكسر هذا الحصار المفروض، مع الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ العام 1978 فرضت عقوبات إقتصادية على البلاد، هذا الوضع ليس بجديد، إلا أن الجديد فيه هو الحرب التي أنهكت كل مفاصل الحياة في سوريا مما زاد الوضع سوءاً.
فكما الدولة السورية اليوم بحاجة إلى تضافر كل جهود الحلفاء للتغلب على الوضع القائم، إلا أنها أيضاً حاجة لكل من روسيا وإيران، فالأخيرة على سبيل المثال، الحصار الاقتصادي المفروض عليها منذ العم 1979 وإلى اليوم قائم رغم أنها دولة منتجة على كافة الصعد لكن بنفس الوقت كل بلد يحتاج إلى أسواق مفتوحة لإنعاش إقتصاده، كما روسيا التي تعرضت لعددٍ من الهزات الاقتصادية كمسألة إنهيار أسعار النفط ومسألة قد تكون محفوفة بخسائر كبرى وهي أنابيب نقل الغاز المسال إلى أوروبا من خارج روسيا، فهي بحاجة أيضاً إلى أن تقطف ثمار التحالف والتعاون مع سوريا، خاصة في المشاريع الحيوية الكبرى كإعادة إعمار البنى التحتية مثل الجسور والمشافي ومشاريع الطاقة وإستخراج النفط من البحر والكثير غير ذلك.
هل ستعيد واشنطن حساباتها؟
إن زيارة وفد روسي رفيع المستوى إلى سوريا وفي هذا التوقيت رسالة لها معانٍ كثيرة، فلقد تم تحديد المشكلات بشكل واضح، حيث تتصدر الولايات المتحدة القائمة، بينما طرح المشاريع التي تنوي روسيا الإستثمار بها، من المؤكد أنها ستفتح شهية واشنطن على الفرص الذهبية التي أضاعتها، فسيطرتها على الشرق السوري وحتى نفطه لن يكون كالكم الهائل من الغاز والنفط الموجود على السواحل السورية، فضلاً عن أن تفجير مرفأ بيروت، سواء أعجب لبنان المحايد أم لم يعجبه، أصبح مرفأ طرطوس هو المرفأ الحيوي للمنطقة وبالتالي سيكون الجسر الرئيس لإمداد دول المنطقة كالعراق والأردن ولبنان، ومن المعروف أن المرفأ مؤجر إلى الدولة الروسية طيلة الـ 49 عاماً القادمة، فهذا يعني أن الإستثمارات ستكون ذات قيمة كبيرة، وهو ما ذكره وزير الخارجية السوري وليد المعلم صراحةً، أن الشعب السوري سيشعر بالإنفراج الاقتصادي في الفترة القادمة.
وبالتالي، لن تجر واشنطن ذيول الخيبة، ولن تتخلى عن دورها الحالي، ولن يتحول العالم إلى ثنائي القطبية، لكنها حتماً ستعيد حساباتها، فتدخلاتها الخارجية وحروبها تصب في هذا الجانب، ولعل موسكو إستطاعت إيصال الرسالة بشكل أكثر من جيد، علّ الطرف الآخر أن يكون قد تلقى محتوى تلك الرسالة!
من هنا، إن الدولة السورية حتماً ممتنة من المواقف الروسية في كل الميادين تجاهها، ولم تبخل موسكو على سوريا بأي شيء، لكن على مستوى النصيحة لا يمكن أن تعمل القيادة السورية إلا ما تراه مناسباً رغم معارضة الكثير لهذا الأمر والذي يحتاج إلى تفنيد بدلائل قاطعة ستتوضح مع الأيام، لكن زيارة روسيا هي كسر للحصار المفروض وتشجيع للدول الأخرى للمضي قدماً في التطبيع مع دمشق، فالجميع يعاني إقتصادياً والجميع اليوم بحاجة سوريا رغم إنهيار الجزء الأكبر من إقتصادها.
فريق عمل “رياليست”.