موسكو – (رياليست عربي): في سياق ردة فعل جمهورية بيلاروس على التطورات العسكرية التي شهدتها مقاطعة (كورسك) الروسية طيلة فترة الأسبوع الماضي، والتي شهدت قيام القوات الأوكرانية باستهداف العديد من المناطق الحدودية جنوب غربي روسيا المجاورة لجمهورية بيلاروس، ومن ثم حاولت بعض المجموعات المدرعة المتحركة التابعة للقوات الأوكرانية بضرب بلدات روسية على طول الحدود (الروسية الأوكرانية):
- أوعز الرئيس البيلاروسي (ألكسندر لوكاشينكو) بنقل بعض المعدات العسكرية البيلاروسية إلى القوات المسلحة الروسية حليفة بلاده الإستراتيجية، وذلك لتعزيز مواقعها الحالية في مقاطعة كورسك، وفي قطاعات أخرى من خط المواجهة الحالي.
- وأفادت التقارير الأمنية والإستخباراتية القادمة من مينسك أن وزارة الدفاع البيلاروسية قد أكدت بأن عملية التسليم الأخيرة للمعدات العسكرية البيلاروسية ستنفذ (بطلب عاجل من الجانب الروسي) وذلك بسبب الخسائر ونقص المعدات في منطقة كورسك والمناطق الروسية المحاذية لها، نتيجة عمليات التوغل الأوكراني عبر الحدود إلى كورسك المجاورة منذ 6 أغسطس ولغاية يوم 13 أغسطس، وهو الأمر الذي منح أوكرانيا عملية السيطرة مؤقتاً على 74 تجمع سكني خلال الأسبوع الماضي.
- كما أوعز الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو بتعزيز الوجود العسكري في اتجاه بعض المدن مثل (غوميل و موزير)، بما في ذلك إرسال أنظمة صواريخ من طراز (بولونيز) ومنظومات صواريخ (إسكندر) الباليستية متوسطة المدى إلى هناك، تماماً كما أرسل الرئيس لوكاشينكو معدات إلى روسيا الإتحادية في عام 2022 عندما بدأت روسيا الإتحادية الحليفة له عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا، حيث واجهت موسكو صعوبات كبيرة بسبب نقص بعض أنواع العتاد والذخيرة، وهو الأمر الذي دفع مينسك لتدعم موسكو بالذخيرة والمعدات العسكرية اللازمة لها من مخازن الوحدات القتالية البيلاروسية، وليس من المستودعات التابعة للجيش البيلاروسي، مما تسبب في استنزاف المخزونات البيلاروسية.
- وعلى الرغم من التطور الخطير للأوضاع الأمنية والعسكرية على الحدود (الروسية – الأوكرانية) قرب مقاطعة (كورسك)، إلا أن المتحدث بإسم هيئة حرس الحدود الأوكرانية (أندري ديمشينكو)، أعلن أن بلاده أوكرانيا لم ترصد نشر أي قوات عسكرية بيلاروسية إضافية على الحدود وسط مزاعم مينسك بتعزيز الحدود، حيث وصف المسؤول الأوكراني تصرفات مينسك بأنها (محاولة للتماشي مع موسكو).
- أما من جانب وزارة الخارجية البيلاروسية، فقد استدعت الأخيرة القائم بالأعمال الأوكراني لديها مؤخراً وقدمت احتجاجاً شديد اللهجة لكييف فيما يتعلق بالحادث، حيث أكدت الخارجية البيلاروسية أن الدبلوماسي الأوكراني قد تلقى تحذيرات (واضحة ومباشرة)، بأنه وفي حالة تكرار مثل هذه الإستفزازات فإن جمهورية بيلاروس ستحتفظ بحق الرد في اتخاذ خطوات إنتقامية لحماية أراضيها، مضيفةً أنها قد تطرح تساؤلات حول ضرورة استمرار وجود البعثة الدبلوماسية الأوكرانية في مينسك من عدمها.
- كما اتهمت وزارة الخارجية البيلاروسية نظام كييف بارتكاب أعمال إجرامية تهدف إلى تصعيد الوضع بشكل جذري، معتبرةً أن ما يحدث على طول الحدود (البيلاروسية – الأوكرانية) هو محاولات خطيرة من قبل نظام كييف لتوسيع نطاق الصراع الحالي في المنطقة، وطالبت في الوقت نفسه بقية دول أوروبا بعدم تصعيد الوضع العسكري، لأن النار ستنتشر في كل المنطقة، بما في ذلك في دول الإتحاد الأوروبي، ومؤكدةً في الوقت نفسه بأن مينسك ستبدأ مشاوراتها مع عواصم الدول الحلفاء والشركاء، فضلاً عن المنظمات الدولية في أعقاب الحادث الأخير الذي تعرضت له الحدود (البيلاروسية – الأوكرانية).
آراء المراقبين والمحللين والخبراء في مراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية الروسية والعالمية:
- يرى العديد من المراقبين و المحللين والخبراء في مجال العلاقات الدولية من المختصين بملف العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وتطوراتها اللوجيستية أمنياً وعسكرياً، أنه وبعد الهجوم والتوغل الأوكراني الأخير، وتأثير هذا التوغل على دول الجوار لروسيا الإتحادية، وأولها على جمهورية بيلاروس الحليفة الهامة للكرملين الروسي، فإن الوضع العسكري والأمني لدول الجوار الروسي مثل جمهورية بيلاروس مثلاً، بدأ يتأثر بشكل أو بآخر بهذه التطورات السياسية والعسكرية والأمنية نحو الأسوأ.
- ويرى الخبير العسكري والأمني البيلاروسي الكبير (فيكتور خرينين)، والذي يشغل حالياً منصب وزير الدفاع في جمهورية بيلاروس، أن بلاده أرسلت تعزيزات عسكرية كبيرة إلى حدودها مع أوكرانيا يوم السبت 10 أغسطس 2024، بسبب عبور عدة طائرات أوكرانية بدون طيار وتجاوزها حدود المجال الجوي لجمهورية بيلاروس، حيث قامت الدفاعات الجوية البيلاروسية باعتراضها.
- ونتيجةً لذلك، اعتبر الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو أن تصرف هذه الطائرات الأوكرانية هو تصرف (إستفزازي واضح)، مما دفع بالقيادة العسكرية البيلاروسية لتصدر الأوامر إلى هيئة الأركان العامة في مينسك، من أجل اتخاذ التدابير اللازمة لضمان أمن الدولة البيلاروسية واستقرارها.
- ويضيف الخبير (فيكتور خرينين) أن التوغل الأوكراني الأخير في الأراضي الروسية، يظهر أن الأوكرانيين غير مستعدين للسلام، وأنهم سيواصلون تصعيد هذا التوتر في المنطقة والإقليم برمته، ولهذا السبب، تمَّ تكليف وحدات عسكرية من قوات العمليات الخاصة البيلاروسية، والقوات البرية البيلاروسية، وكذلك قوات الصواريخ البيلاروسية الإستراتيجية بالتقدم في عمق نحو بعض المناطق الحدودية مع أوكرانيا، بما في ذلك منظومات (بولونيز) ومجمعات صواريخ (إسكندر)، أي تقدم بعض المجموعات الهامة للغاية من منظومات (بطاريات الصواريخ الباليستية التي تمَّ نقلها سابقاً من روسيا الإتحادية) لتعزيز قوات وأصول الدفاع الجوي والدفاع الصاروخي البيلاروسي.
حسام الدين سلوم – دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية – خبير في العلاقات الدولية الروسية.