موسكو – (رياليست عربي): دعا الحزب الشيوعي روسيا للانسحاب من صندوق النقد الدولي، لكن تم انتقاد المبادرة على الفور، إذ لا يستحق ترك الهيكل المالي، وفقدان منصة للمفاوضات، على حد قول المعارضين، كما لم تأخذ روسيا أموالاً من صندوق النقد الدولي منذ عقدين من الزمن، بل على العكس من ذلك، فهي نفسها دائنة، لكن العضوية في صندوق النقد الدولي توفر عدداً من المزايا.
وفي التفاصيل، قدّم فصيل الحزب الشيوعي الثوري مشروع قانون إلى مجلس الدوما يقترح إبطال قرار المجلس الأعلى بشأن انضمام روسيا إلى صندوق النقد الدولي، كما يقترح واضعو المبادرة التنديد بالبروتوكول الخاص بانضمام روسيا إلى البنك الدولي للإنشاء والتعمير والمؤسسة الدولية للتنمية، الموقع في واشنطن عام 1992.
تم اقتراح هذه المبادرة على خلفية أن العضوية في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير لم تمنع فرض عقوبات على موسكو، ولم تدين المنظمات نفسها القيود، بالتالي، فإن المشاركة في صندوق النقد الدولي تُلزم روسيا باتباع سياسة نقدية تحرمها من استقلال عملتها، ولا سيما الحق في رفع أو خفض سعر صرف الروبل، وإلى جانب ذلك، فإنه يجعل من الضروري ربط سعر صرف الروبل بالعملة الأجنبية.
تم إدانة مبادرة الشيوعيين على الفور، وفقاً لنائب رئيس لجنة مجلس الدوما للسياسة الاقتصادية، أرتيم كيريانوف (روسيا الموحدة)، فإن صندوق النقد الدولي يمثل منصة تفاوضية مهمة، لذلك لا ينبغي لروسيا أن تترك الهيكل.
وجدير بالذكر أن روسيا كانت عضواً في صندوق النقد الدولي لمدة 30 عاماً؛ وانضمت إلى المنظمة المالية العالمية في يونيو 1992، في المجموع، تلقت موسكو حوالي 22 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، لكنها لم تكن بحاجة إلى أموال الدائن الدولي لفترة طويلة.
ومنذ عام 2000، لم تتقدم موسكو إلى الصندوق مطلقاً، وفي يناير 2005، سددت جميع الديون وعملت منذ فترة طويلة كدائن لصندوق النقد الدولي، لكن الأمر لا يتعلق بالمال فقط.
بالتالي، إن العضوية في صندوق النقد، مجرد فرصة للاقتراض، ولكن أيضاً للمناقشة والبحث عن حلول لمشاكل النظام النقدي العالمي، والذي هو الآن قيد التنفيذ، بالمقابل، يتعرض صندوق النقد الدولي لانتقادات بسبب أن المنظمة، التي نصبت نفسها لفترة طويلة على أنها مؤسسة تعمل “خارج السياسة”، قد خانت مبادئها أكثر من مرة.
على سبيل المثال، في عامي 2015 و2023، قام الصندوق بتغيير القواعد لتعزيز وتبسيط الإقراض لأوكرانيا، أما في السابق، كان صندوق النقد الدولي يطلب عادةً من الدولة المقترضة تقديم خطة أو استراتيجية لإعادة القرض، ولكن فيما يتعلق بأوكرانيا لم يكن هذا مطلوباً.
كما أن من أهداف وغايات هذه الهياكل الائتمانية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير) نبيلة المفترض، وهي: مساعدة البلدان النامية، وإصدار قروض بأسعار فائدة منخفضة، وما إلى ذلك، لكن في الواقع، كل هذه المنظمات تخضع لسيطرة واشنطن بطريقة أو بأخرى وهي التي تقود سياستها المالية.
ومع ذلك، مثل أي منظمة دولية، يوفر صندوق النقد الدولي للمشاركين أدوات تأثير معينة، والتي، بشكل عام، ليس من المنطقي رفضها.
بالنسبة لروسيا، من غير المناسب ترك هذا الهيكل لعدة أسباب:
أولاً، تم استثمار الكثير من الأموال فيها؛
ثانياً، لا يزال صندوق النقد الدولي يلعب دوره الجيوسياسي إلى حد ما؛
ثالثاً، بنك بريكس ليس جاهزاً بعد، والذي يمكن أن يحل محل صندوق النقد الدولي بالكامل ويحول التركيز من الغرب إلى الشرق.
بالنتيجة، إن روسيا بحاجة إلى العضوية في المنظمة، فإن انسحبت، قد تفقد روسيا إمكانية الوصول إلى الإحصاءات الدولية وتتوقف عن التأثير على حل مشاكل العملة العالمية الحالية، حيث أن الاندماج في العمليات المالية العالمية مهم للغاية.