دمشق – (رياليست عربي): لم تعد معركة طوفان الأقصى ثنائية بين المقاومة الفلسطينية والكيان الاسرائيلي، بل تحولت الى قضية عالمية استطاعت أن تقسم العالم إلى قسمين بين غرب استعماري مستمر بإجرامه بعيون شاخصة تبحث عن شكل استعمار جديد للأمم والشعوب، وشرق ينهض من ركام الحروب باحثاً عن استعادة تاريخ وحضارة وقيم روحية كانت وما زالت وثيقة تعريفية لكل الشعوب.
أمام هذا المتغير الكبير الذي صنعته معركة طوفان الأقصى و الذي قبل تاريخ السابع من أكتوبر لم يكن أحد ليتخيل ان يرى هذا الانشغال الدولي بالقضية الفلسطينية وهي التي حكم عليها بالسجن المؤبد ضمن دروج المنظمات الدولية وأهمها الأمم المتحدة، التي لم تعمل على تطبيق أي من القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الخاصة بالقضية الفلسطينية ليأتينا هذا اليوم الذي نرى فيه مجلس الأمن يتخلى عن ديباجية القلق المعهودة في قفزة نوعية في المسار الصحيح ليخرج ممثل الكيان من هذا المكان مطالباً غوتيرش بالاستقالة فكيف لا وهو من أطلق العنان لكلمات حق يجب أن تقال.
أمام مشهد التحولات العالمية في هذه القضية التي تشغل اهتمام الرأي العام الدولي، نرى حجم العري والضعف الشديدين لإسرائيل الباحث قادتها عن صورة نصر ظناً بأنه قادر على تحقيقه من خلال سحق الأبرياء ليبني مجده فوق جماجم الأطفال والنساء من خلال تكرار السيناريو الأمريكي الذي بنى امبراطوريته على جماجم الهنود الحمر، ليتزامن السقوط الأمريكي والإسرائيلي في لحظة تاريخية واحدة بعمل مشترك موحد هدفه تصفية القضية الفلسطينية ومقاومتها.
لم تُخفِ أمريكا موقفها الداعم للكيان بل كان واضحاً وصرح به كبار المسؤولين الأمريكان عبر تقديم الدعم الغير محدود لآلة القتل الصهيونية بالدعم اللوجستي تارة، وأخرى بجنود القوات الخاصة الأمريكية التي تحولت إلى أشلاء عند محاولتها اقتحام غزة وهذا ما صرح به المستشار السابق في وزارة الحرب الأمريكية دوغلاس ماكغريغور، مما صعب مهمة تنفيذ تهديد نتنياهو وحكومته بتنفيذ اجتياح بري لغزة.
أمام هذا الواقع الأمريكي الإسرائيلي الصعب في مواجهة أبطال المقاومة انخفض سقف الطموحات لدى الكيان والأمريكان ليذهب المستشارون الأمريكيون لتقديم النصائح لجيش الكيان بأن يقتصر عملهم على عمليات الإغارة للقوات الخاصة بدعم جدي مكثف بدلاً من الغزو البري لقطاع غزة الذي سيكلف الكيان خسائر فادحة لتعبر هذه النصيحة عن حالة العجز والإحباط التي يعيشها الكيان فكل محاولات أمريكا والغرب انتشال إسرائيل من الوحل الفلسطيني باءت بالفشل نتيجة العمل المقاوم على عدة جبهات الذي ألحق ضرراً كبيراً في سمعة الإمبراطورية الأمريكية التي تستهدف قواعدها المدججة بالعتاد وأقوى أنواع السلاح بصواريخ المقاومة ومسيراتهم التي لم تخطئ هدفها في سورية والعراق، لترتفع حرارة المواجهة لأبطال المقاومة العراقية لتشمل التهديد باستهداف القواعد الأمريكية في كل من الإمارات والكويت لتأتي نتائج هذا التهديد سريعة من خلال بيان صادر عن السفارة الأمريكية في الكويت في تقليص الانشطة في القواعد العسكرية الأمريكية بهدف التهديدات التي أطلقتها ألوية الوعد الحق.
وهنا لنا أن نسأل ما هي السيناريوهات الأمريكية المحتملة لتغطية فشلها في خوض المعركة لجانب إسرائيل؟ وما هي أدواتها؟
بعد أن فشلت أمريكا بتحقيق أهدافها في منطقة الشرق الأوسط وما لحق قواتها من هزائم، عمدت على صناعة الإرهاب الدولي بدءاً من القاعدة (محظور في الاتحاد الروسي) وانتهاءً بـ داعش (محظور في الاتحاد الروسي) لتكون هذه القوى الظلامية هي الجيش البديل للجيش الأمريكي، وهذه الورقة ترى فيها أمريكا صالحة للاستخدام رغم كل الهزائم التي منيت بها على يد محور المقاومة لنرى ظهور لخطيب ولاية سيناء الموالي لتنظيم الدولة الإسلامية يتوعد المقاومة الفلسطينية حماس ويطلق عليها صفات تكفيرية تمهد وتشرعن دخول داعش وأخواتها الحرب الأمريكية الإسرائيلية القذرة لمحاربة المقاومة الفلسطينية حماس لتحل هذه القوى محل القوات الإسرائيلية المهزومة والجيش الأمريكي الذي لا يريد أن يتحمل دفع فاتورة هذه الحرب من الجنود الأمريكان.
أمريكا ترى في داعش ورقة قوية في محاربة المقاومة الفلسطينية واعتقد أنها ستوكل مهمة الاجتياح البري لهؤلاء القتلة كونهم لديهم خبرة وتجربة بحرب الشوارع والكهوف وما مطالبة الإرهاب الدولي الموجود في سورية للدولة السورية لفتح الحدود بحجة الذهاب للدفاع عن فلسطين إلا حيلة تخفي الكثير من الدهاء فهذا الطلب طلباً أمريكياً بامتياز.
فكيف لمن حارب محور المقاومة محور القدس بأمر أمريكي إسرائيلي أن يذهب لنصرة فلسطين ومقاومتها؟
اعتقد أن أمريكا ستقوم باستخدام داعش كقوات برية في عملية اجتياح غزة، من خلال نقل أعداد منهم من عدة دول منها سورية كون قاعدة التنف قريبة من الحدود الأردنية مع فلسطين المحتلة وهذا أمر وارد وبشدة كون الاستثمار بالإرهاب الدولي سمة أمريكية بامتياز إلا أن المقاومة ستهزمها على أرض فلسطين كما هزمتها في العراق وسورية فإذا كان الإسرائيلي يبحث عن عنصر المفاجأة من خلال داعش ماذا لو باغتتهم المقاومة بعمليات في الجليل لتتغير الرسالة من المقاومة في طريقها إليكم، إلى المقاومة وصلت إليكم.
خاص وكالة رياليست – د. حسناء نصر الحسين – باحثة في العلاقات الدولية – سوريا.