القدس – (رياليست عربي): حتى وقت قريب كانت إسرائيل في وجهة نظر دول الجوار، عدوّاً مغتصباً للأرض يتخوف الجميع منها ويراها طفلاً مدللاً للولايات المتحدة الأمريكية، يرتع في منطقة الشرق الأوسط متمتعاً بحماية البنتاغون، وهي الصورة التي ترسخت في ذهن المواطن العربية لفترة طويلة، خصوصاً بعد حرب الـ 6 من أكتوبر عام 1973 بين القاهرة وتل أبيب لاسترداد أرض جزيرة سيناء المحتلة وقتها.
بعد أعوام العداء بين دول المنطقة وإسرائيل، شرعت عواصم عربية في التعامل مع تل أبيب بشكل سري، وفي الوقت الذي كانت تهاجم فيه مصر والمملكة الأردنية الهاشمية، دخلت عواصم عربية لم تخض حروباً مع إسرائيل في تفاهمات سرية مع إدارتها، وظلت الأمور تسير بهذه الوتيرة حتى سنوات قليلة بعدما أعلن في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، عن توقيع اتفاقات سلام تعرف باسم “أبراهام” بين الإمارات والبحرين وإسرائيل.
اتفاقات أبراهام رسمت خريطة تحالفات جديدة في المنطقة، ودخلت المغرب ضمنها بصورة باتت مزعجة للجارة الجزائرية، وظهرت تل أبيب بقوة في الأزمة السودانية الأخيرة بين الجيش والمدنيين، والتي استبقها لقاء بين رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، وقائد الجيش السوداني الجنرال عبد الفتاح البرهان، في سياق اجتماعات عقدها نتنياهو حينها مع قادة عرب بهدف إقناعهم في الانضمام للتوقيع على اتفاق تطبيع ضمن تفاهمات أبراهام.
لم يكن لقاء نتنياهو والبرهان الوحيد في العلاقات بين الخرطوم وتل أبيب، وكشف فيما بعد عن زيارة قام بها نائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع، الجنرال محمد حمدان دقلو “حميدتي”، هذه العلاقات دفعت الولايات المتحدة الأمريكية للطلب من إسرائيل إقناع البرهان عن قرارتها التي فجرت الخلافات بين المكونين المدني والعسكري عقب القرارات التي اتخذها البرهان في 25 أكتوبر/ تشرين الأول والتي فجرت الخلافات بين المكونين المدني والعسكري بسبب حل المجلسين “السيادة والوزراء”، ومع التوصل إلى اتفاق بينهما تملك المراقبين للأزمة شكوك حول تدخل إسرائيلي لإقناع الأطراف فيما فشلت فيه واشنطن.
أيضاً ظهرت إسرائيل حاضرة في انتخابات الرئاسة الليبية، وخاطب المترشحون للرئاسة ودها، وتحدثت تقارير في الصحف العبرية، عن زيارة قام بها صدام حفتر نجل الجنرال خليفة حفتر، بهدف طلب الدعم، كما كشفت عن تولي تقديم مستشار إعلامي إسرائيلي كبير خدمات لحملتي حفتر والمرشح الآخر سيف الإسلام القذافي.
ظهور تل أبيب في قضايا الشرق الأوسط، لم يقتصر على مناطق الأزمات بل أمتد أيضاً لعواصم خليجية أخرى لم تلحق بقطار أبراهام، لكنها دخلت في تفاهمات وصلت إلى حد عقد لقاءات مع ضباط في الموساد بسبب الشواغل التي تسيطر عليها تجاه إيران وملفها النووي.
الاتصالات والتفاهمات واللقاءات مع العرب والزعماء الأفارقة، دفعت مواطني هذه الدول في الاعتقاد بأن تل أبيب باتت فاعلاً في قضايا بلادهم، وهذه الحالة هزت الثقة بين الحكام والشعوب لتبدل مواقف القادة السياسية من العداء إلى ما يمكن وصفه بالأصدقاء.
خاص وكالة رياليست.