دمشق – (رياليست عربي): قرأت مقالة للمؤرخ سامي المبيض، تتحدث عن حقبة البعث في سورية والعراق.. والسؤال الذي عبر خاطري، هل التاريخ بخير؟!
ما نزال نقف أمام سؤال الوجود الذي لم يجد سبيلاً إلى المصارحة رغم المجاهرة الفاقعة بالسلوك، فبعد كل سنوات الحرب وتجار الحرب ومافعلوا، ماتزال الذهنية البرجوازية لعقلية الإقطاع السياسي تعاملنا كمواطنين لا يستحقون الوجود في الحقبة التاريخية.
ليست مسؤوليتي الدفاع عن حزب لا يمكن إلا أن يدافع بنفسه عن نفسه بعد أن أصابته كافة أزمات السلطة.
لكن يحق لي أن أدافع عندما يحاول أحد التقليل من شأن الشباب الذين غسلوا أيديهم من طين الأرض وبقي عالقاً تحت أظافرهم عندما وجدوا فرصة ليتحولوا سداً منيعاً دون كرامة بلادهم.
ما نزال في ذلك المكان ذاته، الذي جاءت به حملة جورج بوش لاحتلال العراق واجتثاث البعث.
وما نزال عند ذلك المفترق الذي استنهض الهمم الوطنية ليرفضوا المحاصصة الطائفية في البلاد بقيادة كتلة وطنية يملك زمام قرارها الإخوان المسلمين بالتحالف مع الإقطاع السياسي منذ الانتداب الفرنسي وحتى الآن فتلك طريقة فرنسا بحكم المستعمرات باستثناء الجزائر التي عملت على طمس وجودها وفرنستها بالكامل.
ولا شك أن التاريخ في خطر كما كان دائماً لأن التغييب يتم بالتوثيق، والتوثيق عمل يكتنفه فساد النفوس كما هو بلاء هذه البلاد.
التاريخ في خطر لأن الباشاوات لم يعترفوا بحق الفلاح في شبر من أرضه، يعايرون الشعب بأفعالهم في تجويعه ونهبه، ولم يسامحوا أولئك الفلاحين عندما اختاروا استبدال لقمتهم بتعليم أولادهم فصاروا يوماً ضباطاً في جيش بلادهم وأثبتوا صدقهم بالشاهدات على قبورهم الشاخصة تعانق وجدان البلاد بينما يحصي البعض حساباتهم البنكية وأموالهم..
التاريخ ليس بخير على الورق، لكن أولئك الفقراء الذين يواجهون فقرهم من جديد لا يملكون وثائق ومالكانات لكنهم يحتفظون بأنسابهم وشهادات وفاة أبنائهم وإخوانهم وهذا تاريخ متواتر لا يحتاج البحث في الكتب لأنه مكتوب على صحائف الوجدان لذلك لم يتمكن من اقتلاعهم أحد .
الغريب في الموضوع عندما نقرأ للبعض (لست مع التعميم قطعاً) ممن تفقهوا في تاريخ العرب في بلاد الغال وجامعات بريطانيا العظمى، الغريب أننا نعيش في وطن واحد لكننا نتحدث عن وطنين مختلفين.
عندما جاء النبي محمد برسالته وقال لـ آل ياسر: صبراً، وصار بلال الحبشي مؤذن الإسلام وعد الناس بأن لا فرق بين عربي على أعجمي إلا بالتقوى، ونحن لسنا من الحبشة ولنا لون بشرة وحدته الجغرافيا، وحتى آثار شمس الحقول رحلت على زنود أجدادنا والطين في شقوق أكفهم وأيديهم، وما بقي لنا إلا وطن نحمل عزته في أرواحنا مع أن خيراته في جيوب غيرنا ويستكثرون علينا حقنا في الحقيقة المتعلقة بوحودنا، قد تكون ملامح العالم الجديد التي حملها معهم الغزاة الأمريكان والبريطانيون بشرت الفلول بعودة أمجادهم لكن الماضي (كما يقولون ،هم أنفسهم ، نكاية بحقبة العالم الاشتراكي )الماضي لن يعود..
خاص وكالة رياليست – ميس الكريدي – عضو اللجنة السورية المصغرة في جنيف – كاتبة وإعلامية سورية.