أعلن وزير الإعلام السوداني، فيصل محمد صالح، أن القوات الحكومية استعادت السيطرة على معظم الأراضي على الحدود مع أثيوبيا، وقال: “نحن نؤمن بالحوار لحل أي مشكلة… لكن جيشنا سيقوم بواجبه لاسترجاع كل أراضينا. حالياً استعاد جيشنا ما بين 60 إلى 70% من الأراضي السودانية”، مضيفاً، أن القوات السودانية تحركت بشكل دفاعي، مشيراً إلى أن الاشتباكات توقفت خلال اليومين الماضيين، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
والجدير بالذكر، أن الخلاف الحدودي بين السودان وأثيوبيا يعود لعهد الملك الإثيوبي “منيليك الثاني”، والذي أعلن أن حدود بلاده تمتد من الخرطوم حتي القضارف شرق السودان، ولكنه لم يتمكن سوي من السيطرة علي بني شنقول الغنية بالمعادن والذهب.
ويرتبط الخلاف الحدودي حاليا، بالمزارعين الإثيوبيين والذي يقدر عددهم بحوالي 2000 مزارع، يسيطرون علي ملايين الأفدنة في المنطقة الحدودية التابعة للسودان، وتشمل المنطقة الشريط الحدودي الممتد ما بين ولاية القضارف السودانية وإقليمي تيغراي وأمهرة الإثيوبيين.
ما موقف الجانبين من الناحية القانونية؟
هذه المناطق من الناحية الشرعية هي تابعة للسودان، بموجب إتفاقية عام 1902 بين السودان والإحتلال البريطاني، وأيضاً بروتوكول عام 1903، مروراً بإتفاقية عام 1972 بين السودان وأثيوبيا، فعلى مر السنوات والحكومات الأثيوبية المتعاقبة كان هناك إعتراف واضح من أديس أبابا بملكية السودان لهذه المناطق، بالرغم من تواجد المزارعين الأثيوبيين منذ عقود وإستيلائهم غير الشرعي على هذه الأراضي التي بالتبعية أنشأوا فيها العديد من المشاريع، واستغلوا طبيعة المنطقة الجغرافية والتي تعيق السودان من إستغلالها بسبب وجود الموانع الطبيعية كالأنهار والمرتفعات بها.
إذاً فالخلاف هنا لا يتعلق بملكية الأرض فهي تابعة شرعياً للسودان، لكن تظل هناك مماطلة أثيوبية لترسيم الحدود، ففي عام 2002 عقدت لجنة مشتركة لترسيم الحدود بين الجانبين، تمكنت من التوصل لإطار نظري بالإعتماد على خرائط الحدود المتعارف عليها ولكن عمل اللجنة لم يكتمل من حيث الترسيم الفعلي على الأرض.
وفي عام 2007 كانت آخر الإجتماعات بين الطرفين بخصوص هذه القضية في مدينة غامبيلا الأثيوبية، وتم تشكيل لجنة عرفت بإسم لجنة “تنمية الحدود”، لكنها أيضاً لم تسفر عن شيء.
لماذا تماطل أثيوبيا في إخراج ميليشياتها من المناطق الحدودية مع السودان؟
رغم نفي السلطات الأثيوبية أنها ليس لها صلة بالهجمات التي شنتها ميليشيات أثيوبية على القوات السودانية في الآونة الأخيرة، فلا يستبعد أن أثيوبيا هي من تدعم هذه الميليشيات لغرض سياسي، فهي رغم ذلك لم ترد على تجاوزاتهم كما حدث مع إقليم تيغراي، أو أنها عاجزة حالياً عن الصمود أمام أزماتها الداخلية التي تزداد شيئاً فشيئاً، كما الحال في تيغراي، والمحتمل أن يحدث في الأقاليم الأخرى كبني شنقول وأوجادين.
ولكن يبقى الإحتمال الأرجح أن أثيوبيا تحاول إبتزاز السودان لسببين:
أولاً، سعي السلطات الأثيوبية لتحسين موقف الخرطوم إزاء أزمة سد النهضة الأثيوبي، ويرجع ذلك لتقارب وجهات النظر المصرية – السودانية بخصوص هذه القضية.
ثانياً، محاولة إرغام السودان على دفع تعويضات للمزارعين الأثيوبيين، كتعويض لهم عن المنشآت التي أقاموها في المناطق الحدودية.
لذا، فالحل الأمثل يبقى عن طريق المفاوضات ولكن ذلك يحتاج لتواجد الجيش السوداني على الأرض لحمايتها، ثم اللجوء للتفاوض حتى تكون الخرطوم على أرض صلبة بهذه المفاوضات.
فريق عمل “رياليست”.