أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في “تويتر”، أن الأنباء المتداولة عن الاختراق الإلكتروني لبعض المؤسسات الأمريكية، تم تضخيمها من “الإعلام الكاذب”، وأن روسيا لا علاقة لها به.
لماذا حمّل بومبيو، روسيا هذه الهجمات، وكيف ستتعامل موسكو مع هذا الأمر؟
إن تصرف وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو وتصريحاته ضد روسيا، يعني أن إدارة ترامب تخشى أنه بمجيء الديمقراطيين سيرفعون دعوى على ترامب وإدارته، وإتهام روسيا في أنها تتدخل في عمليةِ إنتخابيةٍ ما أو هجماتٍ إلكترونية حكومية، فهذه تغطية واضحة، لأنه بعد الإقالة بعد 20 يناير/ كانون الثاني 2021، ستستطيع إدارة ترامب أن تقول: “لقد قمنا بالتحقيقات بأنفسنا ولا يمكنكم اتهامنا، بأي شكلٍ من الأشكال أننا قمنا بعمليات تآمر مع الكرملين”، فهذه إتهامات ويريدون حماية أنفسهم منها.
يضاف إلى ذلك ما قاله ترامب حول إتهامه للصين، وهنا، يبدو أن هاجس الولايات المتحدة الأمريكية ليس الصين كدولة منفردة، وليس روسيا كدولة محددة، وليس أوروبا تحديداً، بل هاجسها البلدان التي تتطور إقتصادياً، وإن الصين هي الإقتصاد الوحيد الذي نمى في عام 2020، بنسبة 2 % عالمياً، وفي العام المقبل سيتابع النمو، بينما هناك هبوط إقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وبالتالي إن العدو الأساس لواشنطن هي البلدان التي تتطور إقتصادياً، لأن الولايات المتحدة بدأت تصاب بالضعف وتتعرض للكساد، وبالتالي روسيا خارج دائرة العداء بالنسبة لأمريكا، فقط الصين المتطورة والتي تنمو أسرع في من الجميع في العالم.
كذلك أيضاً أوروبا تعتبر عدوة لأمريكا، بسبب حجم سوقها التصديرية والصناعية التي تجاوزت الولايات المتحدة بالفعل.
مع عودة الحديث عن إغلاق القنصليات العامة الروسية والأمريكية، ستنحدر العلاقات الثنائية بشكل عميق؟
يبدو أن هذا الأمر لا مفر منه، بالنسبة للعلاقات بين روسيا وأمريكا التي ستتدهور، وهذه البداية فقط، الإدارة الأمريكية الجديدة في عهد الرئيس بايدن ستستخدم أي دوافع لفرض عقوبات جديدة ضد روسيا، وهنا السيل الشمالي سيتأثر وستمسه تلك العقوبات أيضاً.
وبما يتعلق بإغلاق القنصليات الأمريكية في روسيا، لن يخسر جراء ذلك فقط المواطنون الروس الموجودون في سيبيريا والشرق الأقصى الذين يحصلون على تأشيرات للسفر إلى الولايات المتحدة، بل من سيخسر من ذلك هي أمريكا، لأن الولايات المتحدة لديها تأثير ثقافي في روسيا، وهنالك الكثير من الروس في الولايات المتحدة، فإن عزلت واشنطن نفسها عن روسيا ستخسر تأثيرها على الوضع السياسي الداخلي في روسيا، والسؤال المهم على من سيؤثر ذلك سلبياً أكثر على روسيا أم على الولايات المتحدة؟ بالطبع على الطرفين لكن الولايات المتحدة أكثر.
كما أن تأثير العقوبات الأمريكية ضد روسيا سيتصاعد لأن بايدن سيكون مضطراً مواصلة برامج التنمية الإقتصادية ودعم قطاعي الغاز والنفط رغم كل ما قيل، ما يعني أن روسيا التي هي من أهم مصدري النفط والغاز وبالتالي تشكل منافساً أساسياً للولايات المتحدة على السوق الأوروبية والصينية، ومن هنا تأتي العقوبات التي ستتصاعد.
بما يتعلق بالخلافات الداخلية الأمريكية، هل التوتر الحاصل بين موسكو وواشنطن، مرتبط بالوضع الداخلي والسياسي والتنافس بين الديمقراطيين والجمهوريين؟
بالنسبة لروسيا لا خلاف لديها من يصل إلى البيت الأبيض سواء الديمقراطيين أم الجمهوريين، لكن الخلاف بين الحزبين في الأساس هو بشأن الإتحاد الأوروبي، لأن الديمقراطيين يعتبرون أنه يجب بناء علاقات بناءة أكثر مع أوروبا، فيما الجمهوريون يفضلون إستخدام أساليب عسكرية وضغوطات بشأن الصين أيضاً، هما لا يريدان التخاصم مع الصين، فعلى الرغم من تهديدات بحرب ضروس ضد الصين من قبل ترامب، لكن بكين شهدت نمواً إقتصادياً لصالحها، رغم كل ما قاله ترامب.
بما يتعلق بروسيا، كلا الحزبين مقتنعان أنه يجب خنق روسيا والتضييق عليها بالكامل، وتبعات ذلك ستتبين في الأيام القادمة وكيف ستواجه موسكو هذا الأمر.
سركيس تساتوريان – رئيس تحرير وكالة “رياليست”.
في مقابلة على قناة روسيا اليوم.