باريس – (رياليست عربي): ومرة أخرى، تعود كوسوفو إلى صدارة الساحة الدولية بصور مروعة للعنف والمعارك بين الصرب والألبان وجنود الناتو.
سبب الغضب هو خوف الصرب في شمال كوسوفو (حيث هم الأغلبية) الذين يرون نائب الألبان يشددون حولهم، في عام 2013، وقعت بلغراد وبريشتينا اتفاقية تعاون لم ترقَ إلى اعتراف صربيا بكوسوفو المستقلة ولكن كان من المفترض أن تسهل حياة كلا الطائفتين، وعقب الاتفاق، اعترف الصرب، في جملة أمور، بشرطة كوسوفو والنظام القضائي، أما في الخريف الماضي 2022، كان الوضع متوتراً بالفعل بشأن لوحات الترخيص، حيث استسلمت بلغراد في النهاية مرة أخرى وتعهدت بعدم إصدار لوحات ترخيص باسم المدن الواقعة في كوسوفو بعد الآن.
بالتالي، قدم الصرب تنازلات، لكن التزامات الألبان تجاه الصرب تأخرت، لقد سئم صرب شمال كوسوفو من عدم احترامهم وتقديرهم، وتركوا على نطاق واسع مواقعهم في إدارة كوسوفو في الشرطة وفي قاعات المدينة، فقد كانت سياسة الكرسي الفارغ إشارة سلمية قوية لإجبار الألبان على احترام الجزء الخاص بهم من الاتفاق والسماح بإنشاء مجتمع من البلديات الصربية يعيد تجميع جميع البلديات التي يشكل الصرب الأغلبية فيها، لكن وبدلاً من فهم الرسالة الصربية، استغل الألبان الوضع لتولي المناصب الصربية واحتلال قاعات بلداتهم، رافقت القوات الخاصة الألبانية روسو الإداريين الجدد الذين كان أول عمل لهم هو تمزيق الأعلام الصربية من أقواس قاعات المدينة واستبدالها بأعلام كوسوفو.
ورد الصرب بمظاهرات سلمية للتعبير عن رفضهم لهذا الأمر، لكن الشرطة الألبانية وقوة كوسوفو (الناتو) تدخلت في معدات قتالية. تصاعد الوضع بسرعة كبيرة، حتى أن اثنين من الصرب أصيبوا بالرصاص وجرحوا وهناك العشرات من الجرحى في كل معسكر، لقد كانت احتجاجات الأربعاء أكثر هدوءاً لكن الحريق تأجج، وقد وضع الجيش الصربي في حالة تأهب قصوى وأرسل إلى حدود كوسوفو، التي يمكن أن تشتعل فيها النيران في أي لحظة.
لقد أدان الناتو والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي رسمياً تصرفات الألبان، لكن يبدو أنه من الجيد جداً أن نكون صادقين، منذ عدوان حلف الناتو في عام 1999، كانت واشنطن تسحب الخيوط في كوسوفو، هذه الحلقة الجديدة من التوتر ومحاولة الألبان للسيطرة على شمال كوسوفو تبدو وكأنها تلاعب جديد دبره العم سام لقطع شمال كوسوفو عن بلغراد بشكل دائم ووضع الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش في صعوبة يرفض الاعتراف بكوسوفو المستقلة ويغضب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة برفضه تطبيق العقوبات ضد روسيا، لكن لو كانت واشنطن صادقة، لكانت قوات حلف الناتو تحمي الصرب من القوات الألبانية بدلاً من الوقوف خلفهم.
ومن خلال قصف صربيا بشكل غير قانوني في عام 1999 ثم الاعتراف بشكل غير قانوني باستقلال كوسوفو في عام 2008، أقسمت الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي أن ذلك كان من أجل “الديمقراطية والسلام بين الشعوب”، لكن بعد أكثر من 20 عاماً على هذه الأحداث، لا تزال كوسوفو تعيش حالة من عدم الاستقرار، لا بل تقبع في قبضة الفوضى.
بالتالي، إن التلاعب الأطلسي الحالي ليس سوى محطة إضافية في طريق صليب الصرب الذين يدفعون ثمناً باهظاً لتعلقهم بإيمانهم المسيحي وحريتهم، فكيف سيكون شكل المحطة التالية!
خاص وكالة رياليست – نيكولا ميركوفيتش – كاتب ومحلل سياسي – صربيا.