(رياليست – عربي) شهد العقدان الماضيان تحولات جذرية في استراتيجيات التنظيمات الإرهابية، فأصبحت كل توجهاتهم منصبة على استغلال كافة مكونات المجتمع لخدمة وتحقيق أغراض التنظيم وعلى رأسها المكون النسائي.
فعلى الرغم من أن فكرة تجنيد المرأة في التنظيمات الإرهابية تعود لفترة الإخوان المسلمين (المحظور في الاتحاد الروسي)، إلا أن هذا الفكر أصبح أكثر شراسة خلال العقد الأخير، فقد تنوعت الأسباب والأغراض من تجنيد العنصر النسائي، ولعل أبرزها عدم استقرار أوضاع التنظيمات الإرهابية كنتيجة لزيادة القبضة الأمنية وتعقد الأوضاع في الدول التي تتخذها معقلاً لها، وهو ما دفعهم للاستعانة بكافة فئات المجتمع أطفالاً ونساءً ورجالاً لخدمة وتحقيق أغراضهم، ونستدل على ذلك من استغلال جماعة بوكو حرام للأطفال والنساء في عدد من العمليات الانتحارية.
ويتمثل العامل الرئيسي لنجاح التنظيمات الإرهابية في استقطاب النساء، في الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المعقدة التي يمر بها العالم أجمع ولاسيما دول القارة السمراء، فوفقاً لدراسة صادرة عن المعهد الملكي البريطاني، تبلغ نسبة النساء المجندين في صفوف التنظيمات الإرهابية بالقارة الأفريقية أكثر من 17%، وهي نسبة كبيرة للغاية تعكس ضعف السيطرة الحكومية وهشاشة الأوضاع الأمنية، ما ينذر بتمكن التنظيمات الإرهابية من التغلغل بشدة داخل معظم دول القارة الإفريقية.
وفيما يتعلق بآليات استقطاب النساء، فتتعدد الوسائل التي يتمكن من خلالها التنظيم من تجنيدهن، والتي تتراوح بين الطرق التقليدية كالزواج والذي يعد أشهر أدوات التجنيد، بينما تم استقطاب أخريات بالتوظيف والأموال، فيما تبنت تنظيمات أخرى وسيلتي الاختطاف والتهديد، وكانت جماعة بوكو حرام هي الأشهر في تطبيق هذا النهج.
يعتمد تنظيم داعش (المحظور في الاتحاد الروسي) على النساء بصورة كبيرة، إذ تتعدد مهام النساء بين الزواج والإنجاب أو استطلاع المعلومات بشكل سرى أو القيام بعمليات انتحارية.
إلى جانب تعليم بعضهن كيفية صناعة المتفجرات ففي يوليو 2017 ألقت الأجهزة الأمنية القبض على امرأة بتهمة صناعة المواد المتفجرة لكتيبة ماسينا في مالي، وبالرغم من ذلك يعد اعتماد تنظيم داعش على النساء محدود مقارنة بجماعة بوكو حرام.
وتُعد بوكو حرام هي أبرز جماعة تعتمد على العنصر النسائي في عملياتها، فقد ارتبطت نشأة الجماعة باستراتيجية تجنيد النساء، فسعى محمد بن يوسف مؤسسها الأول إلى تحقيق هذه الاستراتيجية بهدف توسيع قاعدة التنظيم وضم المزيد من الأعضاء للجماعة، بالإضافة إلى رغبته في أن يكون هؤلاء النسوة زوجات للمجاهدين وينشئن أجيالا تعتنق أفكارهم المتطرفة.
طرق مواجهة ظاهرة الاستقطاب النسائي
من الوضع الحالي والمنتشر منذ سنوات في القارة الإفريقية يتضح أن الحلول الأمنية لم تعد كافية لاحتواء تحركات تلك الجماعات والتنظيمات، وذلك نظراً للتردي الأمني الذي تشهده معظم دول القارة، وبالتالي أصبح لزاماً على الدول دمج أبعاد أخرى كالبعد التعليمي.
ويجب أيضاً إتاحة المزيد من الفرص للنساء للمشاركة في الحياة السياسية، بحيث يصبح لهن دور فاعل من خلال مشاركتهن في القطاعات الحكومية والأمنية، والاستفادة من دورهن في إرساء قيمة الوسطية والسلام والاعتدال، وتعزيز القيم المجتمعية، باعتبارهن مسئولات عن تربية النشء.
ينبغي زيادة الرقابة من قبل المدارس والأسر، تلك الرقابة التي تركز على السلوكيات، ولا تعتدي على الحريات، فقد يؤدى الاعتداء على الحريات إلى نتائج عكسية.
خاص وكالة رياليست.