انتخب حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في ألمانيا أرمين لاشيت رئيساً للحزب ، في مسعى لتوحيد صفوف الحزب المنقسم خلف زعيم جديد يأملون في أن يصبح المستشار المقبل للبلاد عندما تتنحى أنجيلا ميركل بعد الانتخابات الاتحادية في سبتمبر/ أيلول المقبل.
وفاز لاشيت، رئيس وزراء ولاية شمال الراين – فيستفاليا الغربية أكبر ولايات ألمانيا من حيث عدد السكان، في جولة ثانية من التصويت ضد فريدريش ميرتس، وحصل على 521 صوتاً مقابل 466 صوتاً لمنافسه المحافظ المتشدد، وذلك وفقاً لاقتراع شارك فيه 1001 مندوب في الحزب. وفقا لوكالة “رويترز” للأنباء.
مناصر كبير لسياسات ميركل
أرمين لاشيت يعد من أبرز السياسيين الألمان ويملك باعاً طويلاً في العمل السياسي منذ تسعينيات القرن الماضي، لكن يبقى أهم ما يميز فكره السياسي هو أنه يعتبر نفسه إمتداد لنهج وسياسات أنجيلا ميركل، كما أنه لقي استحساناً ملحوظاً من ميركل نفسها، حيث صرحت الأخيرة في العام الماضي بأن ” لاشيت يمتلك الأدوات اللازمة للمنافسة على مقعد المستشار”.
أهم التوجهات التي ورثها لاشيت عن ميركل
أولاً، الإيمان الشديد بالوحدة الأوروبية
يدرك لاشيت مدى أهمية بقاء الإتحاد الأوروبي كقوة إقتصادية وسياسية عظمى، ومدى أهمية حفاظ ألمانيا على وحدة أوروبا حتى بعد خروج بريطانيا منه، وذلك لأن ألمانيا تمثل أكبر قوة إقتصادية في القارة العجوز بأكملها وتعد هي الفاعل الرئيسي حالياً في الإتحاد الأوروبي إلى جانب فرنسا، لذا فإنه يدرك أن قوة ألمانيا مرتبطة بشكل كبير بقوة الإتحاد الاوروبي، ويرجع ذلك لأن لديه خبرة سابقة في الشأن الأوروبي، حيث قضى خمسة أعوام في “البوندستاغ”، وكان متصلاً فيها بشكل مباشر بسياسات الإتحاد الأوروبي، حيث كان يعمل نائب في بروكسل كمختص في الشؤون الأمنية والسياسية الدولية.
ثانياً، الدفاع عن قضية المهاجرين
يعد لاشيت مدافع قوي عن قضية المهاجرين بل ومؤيد لدمجهم في المجتمع الألماني والأوروبي بشكل عام، فلقد كان من القلائل الذين دافعوا عن المستشارة أنجيلا ميركل، بعد قرارها إستقبال مئات الآلاف من اللاجئين والمهاجرين من سوريا وأفغانستان في العام 2015، كما أن لاشيت على عكس كثير من السياسيين الألمان، داعماً للتنوع العرقي ويعتبره بمثابة الفرصة والتحدي في الوقت ذاته، ويرفض تماماً أن يصفه بالتهديد كما يرى كثيرون في ألمانيا.
لاشيت نموذج غربي مختلف
بالنسبة لقضية الإرهاب في الشرق الأوسط، ينظر لاشيت لها بصورة مغايرة تماماً عن ما يراه المجتمع الغربي وعلى رأسهم الولايات المتحدة، حيث صرح لاشيت من قبل في العام 2014، بأن “أي مساعدة ضد داعش هو أمر مرحب به بما في ذلك مساعدة الرئيس بشار الأسد”، ومن هنا نرى أن لاشيت ليس متزمتاً كما هي الطبيعة الغربية في وصفها للأسد، بل هو لا يمانع في الإنفتاح على سوريا من أجل القضاء على الإرهاب، ليس كما تنظر واشنطن وحلفاؤها للأسد على أنه عدوها الأول في المنطقة، بل أن رغبتها في الإطاحة به أكبر من القضاء على الإرهاب، الذي ساهمت واشنطن بتواجده منذ إحتلالها للعراق عام 2003، وهو العام الذي أصبحت من بعده المنطقة تعيش حالة من الغليان، ثم ما تبعه من ثورات ما عرف بالربيع العربي.
وفي عام 2014 أيضاً، واجه لاشيت وزير الخارجية الأمريكية الأسبق “جون كيري” في تغريدة على موقع “تويتر” بتذكيره أن “الولايات المتحدة دعمت النصرة وداعش ضد الرئيس الأسد في سوريا، بالإضافة أن هذه الجماعات تلقت تمويلها من قطر والسعودية حلفاء الولايات المتحدة”.
بالمحصلة، نستطيع أن نقول إن لاشيت إذا ما وصل لمقعد المستشار في الإنتخابات المقبلة، فإنه بالتأكيد سيكمل نهج أنجيلا ميركل المساند لقضايا المهاجرين والداعم للوحدة الأوروبية، بل إن الرجل لن يتوانى عن استكمال مشروع “نورد ستريم2” مع روسيا، ويبدو أنه سيكون أحد المعارضين القلائل في الغرب لسياسات واشنطن في الشرق الأوسط، ولكن كل ذلك في النهاية سيتوقف على إرادة لاشيت السياسية وصموده، حيث دائماً ما ينتقده البعض بأنه متردد في أغلب الأحيان فيما يخص إتخاذ القرارات، وآخرها كان في طريقة تعامله مع فيروس “كورونا” في ولاية شمال الراين.
فريق عمل “رياليست”.