اختتمت أول فعالية افتراضية لمنتدى دافوس الاقتصادي الذي يعد الأهم عالمياً لمناقشته أبرز القضايا الاقتصادية التي تهم الحكومات، وأكد المنتدى أن مؤتمره السنوي الذي سينعقد هذا العام افتراضياً بسبب جائحة “كورونا” سيشهد مشاركة قادة دول بارزين، وانضم أكثر من 2000 قائد إلى أجندة دافوس الافتراضية، تحت شعار “عام حاسم لإعادة بناء الثقة”.
وشارك في المنتدى كل من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بالإضافة إلى العديد من ممثلي المنظمات الدولية مثل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
تحذير صيني
خلال إفتتاح المنتدى بدأ الرئيس الصيني شي جين بينغ حديثه بالتحذير من الوصول لما وصفه بحرب باردة جديدة مع الولايات المتحدة، وبأن ذلك سيقود العالم إلى طريق مسدود.
وقال شي جين بينغ إن: “تشكيل تكتلات صغيرة، أو بدء حرب باردة جديدة، ونبذ الآخرين أو تهديدهم أو ترهيبهم، وفرض انقسامات أو عقوبات أو تعطيل شبكات التموين بهدف العزل، لن تسهم سوى في دفع العالم إلى الانقسام وحتى المواجهة”، وأضاف أن المواجهة ستؤدي إلى الإضرار بمصالح كل دولة من الدول، والتضحية برفاهية الشعوب.
لذا فالصين تريد أن ترسل رسالة شديدة اللهجة للرئيس الجديد جو بايدن، لتحذيره من مواصلة سياسات ترامب العدائية مع الصين والتي تمثلت بالحرب التجارية الشرسة في الأعوام الأخيرة، وتريد بكين أن تضمن عدم إنضمام الدول الأوروبية لواشنطن في حربها التجارية على بكين، وذلك لأن بكين ترتبط مع دول الإتحاد الأوروبي بشراكة إقتصادية كبيرة.
يأتي ذلك في ظل أزمة “كورونا” والتي ألقت بظلالها على العالم أجمع، والصين ليست باستثناء، فبكين تواجه أزمة اقتصادية متمثلة في تخلف الشركات الحكومية عن سداد سندات بقيمة قياسية بلغت 40 مليار يوان (6.1 مليار دولار) بين شهري يناير/كانون الثاني وأكتوبر/تشرين الأول، وفقا لوكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، وازدادت المشكلة سوءاً، بعد إعلان بعض الشركات عن إفلاسها أو عدم قدرتها عن سداد قروضها، ومن بينها “تسينغهوا يوني غروب” أكبر صانع رقاقات للهواتف الذكية، و”يونغتشنغ” للفحم والكهرباء، وهو ما قد يجبر الحكومة على زيادة الإنفاق الحكومي لدعم المتضررين.
التحديات البيئية لا زالت العائق الأكبر
في الوقت الذي تؤكد فيه أغلب الدول على سعيها لتنفيذ التزاماتها المناخية، والنمو الهائل لاستخدام الطاقة المتجددة، إلا أن الوقود الأحفوري لا يزال يمتلك نصيب الأسد حتى في أكثر الدول اخضراراً، إذ يمثل الوقود الأحفوري 75 في المئة من استهلاك الطاقة في ألمانيا، و90 في المئة من استهلاك الطاقة في هولندا، وحوالي 80 في المئة في إيطاليا، و78 في المئة في بريطانيا، وحتى في فرنسا النووية نسبة الاعتماد على الوقود الأحفوري 46 في المئة، ونسبة اعتماد الولايات المتحدة عليه 81 في المئة، وأية خطوات إضافية من بايدن ستكون زيادة نسبة الطاقة المتجددة على حساب الفحم، لأن اعتماد الولايات المتحدة على الفحم لا يزال عالياً نسبياً.
ورغم إعلان الرئيس بايدن إتخاذ خطوات جدية من أجل عودة الولايات المتحدة مرة أخرى لإتفاقية باريس للمناخ، إلا أن ذلك يبقى محل شك من حيث التنفيذ على أرض الواقع ومدى استعداد واشنطن للتخلي عن أولوياتها الأكبر والتي تتعلق بالأمن القومي والإقتصادي.
بالمحصلة، عقد منتدى دافوس هذا العام في ظروف استثنائية صاحبت فيروس “كورونا”، لكن على الرغم من ذلك حمل المؤتمر عدة رسائل أهمها مطالبة الصين للرئيس بايدن بالتخلي عن سياسة ترامب العدائية تجاه بكين، وركز المنتدى أيضاً على ضرورة مواصلة العمل لمواجهة التحديات البيئية، وذلك في الوقت الذي سادت فيه حالة من التفاؤل بسبب إعلان الرئيس بايدن لرغبته في العودة من جديد للإلتزام بإتفاقية باريس للمناخ، ولكن رغم ذلك يبقى تنفيذ بايدن لوعوده بخصوص هذا الشأن أمراً بعيد المنال.
فريق عمل “رياليست”.