علق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على قرار المستشار القانوني بتقديم لوائح اتهام ضده في ثلاث قضايا وهي : الرشوة ، الاحتيال ، وخيانة ثقة الحكومة ،ولقد تم تقديم التهم رسيما الى نتنياهو من قبل مكتب المدعي العام.
واتهم نتنياهو الشرطة والمدعي العام بمحاولة الإنقلاب ضده بقوله : “إنني أحترم النظام القانوني. لكن يجب أن تكون أعمى حتى لا ترى أن هناك خطب ما في الشرطة ومكتب المدعي العام وقد كنا جميعا شهودا على محاولة الانقلاب من خلال تحقيقاتهم المتحيزة والتهم الزائفة ” .
وردا على كلمات نتنياهو، قال منافسه السياسي ، بيني غانتس رئيس كتلة “كاحول لافان” بالعربية كتلة “أزرق أبيض”: إنه يثق ثقة تامة بأجهزة تنفيذ القانون في البلاد “لا يوجد انقلاب في إسرائيل ، هناك محاولة للتشبث بالسلطة في إسرائيل. وقال غانتس إن خطاب نتنياهو أثبت أنه ينبغي عليه ترك منصبه وإكمال حياته.
إسرائيل تشهد أكبر أزمة منذ تأسيسها، وان النظام السياسي الحالي في مأزق ، ونتنياهو لديه الحق عند الحديث عن الإنقلاب، فإن ما يحدث في الواقع هو عملية انقلاب ، جميع تصرفات اللاعبين السياسيين ،وأجهزة الدولة والقضاء جميعها موجهة ضد نتنياهو شخصيا ، وعلى الرغم من الغموض وجميع المشاكل التي عايشها نتنياهو، الى انه استطاع اجراء تغيرات كبيرة في المجال السياسي والاقتصادي. وفي نفس الوقت اتفق مع غانتس عندما يقول انه نتنياهو متمسك بمقعده مهما كلف الأمر.
لقد فشل النظام السياسي الإسرائيلي وللمرة الأولى في اجراء انتخابات ، مما اضطرت الى إجراء انتخابات ثانية ، ولم تستطيع هذه الانتخابات أيضا تشكيل حكومة، ولأول مرة في تاريخ إسرائيل ، أحيلت مسألة تشكيل حكومة إلى الكنيست ( حيث يجب على النواب تسمية شخص من بينهم يتلقى الدعم من قبل 61 نائبا ويشكل حكومة). وللمرة الأولى، هناك أكثر من مؤشر يلوح في الأفق بإجراء انتخابات ثالثة على التوالي، و حتى نتيجتها المرتقبة صعبة التوقع. اذا ما استمر الوضع السياسي على هذه الحالة ممكن ان تؤدي الى نتائج كارثية ،وحتى من الممكن ان تساهم في اندلاع حرب في المنطقة بأكملها .
والي حد كبير ، يجري استقراء الحالة داخل الولايات المتحدة نفسها في الميدان الإسرائيلي ، حيث تتزايد التطرف في مواقع “اليسار” المناهض لترامب ، وأصبحت مواقفها علنا ضد إسرائيل ومعادية للسامية إلى حد كبير. ومن بينهم أيضا معارضون لنتنياهو داخل إسرائيل.
وجدير بالذكر أن ترامب دعم بشكل غير مسبوق رئيس الوزراء الإسرائيلي، حيث القرار الذي اتخذته الولايات المتحدة مؤخرا بالاعتراف بالمستوطنات الإسرائيلية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) ، في الواقع هي الخطوة الاولي نحو انتشار السيادة الإسرائيلية في هذه الأراضي ، والتي سوف يهدف الى تغير الوضع على الأرض حتى بعض سقوط نتيناهو. إن الوضع في إسرائيل مهم بالنسبة للأميركيين ، لأنه يمكن ان ينظر اليه في بعض النواحي علي انه مجرد إحماء للبدء الفعلي في مساءلة ترامب.
ويمكن لزعزعة استقرار إسرائيل أن يستفيد منه الأوربيون أيضًا ، إذ يرون انها فرصة لهم للعودة إلى المنطقة برؤيتهم وأفكارهم ومشاركتهم في حل المسألة العربية الإسرائيلية. هذه الرؤية أصبحت أكثر معادية لإسرائيل بسبب عامل هجرة الكثير من العرب إلى أوروبا في الفترة الأخيرة.
وبإمكان الإيرانيين أيضا الاستفادة من الأزمة التي تتعرض لها إسرائيل حيث أن لا توجد ضغوط حقيقية اقتصاديا وعسكريا على الداخل الإيراني دون مشاركة إسرائيل، فإسرائيل حاليا مشغولة بالسياسة الداخلية الخاصة بها.
في سياق الأزمة والصراع من أجل السلطة في إسرائيل ، والضعف الشديد وانخفاض مستوي الوعي لدى السياسيين ، سواء أولئك الذين يحاولون الإطاحة بنتنياهو بأي ثمن ، وأولئك الذين في صفه ، فإن الأزمة في النظام سوف تؤدي إلى اضعاف النخب والدولة نفسها ، وذلك يمكن أن يكون دافع لإشتعال الاحتجاجات داخليا، حيث لم تعد إمكانات الاحتجاج محصورة على المجتمع الأثيوبي و العربي و إنما تمتد لكافة شرائح المجتمع الإسرائيلي.
ميخائيل تشيرنوف – مدير مشروع “روسيا – أوراسيا: السياسة الثقافية في تعزيز السلام بين الأعراق والوفاق بين الأديان” ، خاص لوكالة أنباء “رياليست”