تناولت صحيفة أميركية التطوّرات في إدلب، آخر معاقل المعارضة، مشيرةً إلى أنّ القوات السورية والروسية والإيرانية تقصف الأهداف المدنية، ما أدى إلى فرار أكثر من 150 ألف شخص من منازلهم في يناير/ كانون الثاني 2020 فقط، بحسب الصليب الأحمر الدولي، مطالبة الولايات المتحدة الأميركية الرد، عبر فرض عقوبات على روسيا، بحسب إفتتاحية صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.
على الرغم من شراء النظام التركي من روسيا منظومة الدفاع الجوية الصاروخية، الأمر الذي وصل بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهديد أنقرة بعقوبات إقتصادية شملت بعض الشخصيات التركية على خلفية ذلك، إلا أن هذا الخلاف كان نظرياً ولحفظ ماء الوجه، لجهة أن تركيا النافذة الوحيدة المتبقية لواشنطن في آسيا وعلى البحر المتوسط، عدا عن أنها عضو في حلف شمال الأطلسي – الناتو، الفزاعة الأمريكية ضد التهديدات التي تتدعيها لتهديد الدول حين الضرورة، فأن تتفق واشنطن وأنقرة في ملف الشمال السوري، يؤكد ان العلاقات الأمريكية – التركية لا يمكن أن يعكر صفوها شيء، ومخطئ من يعتقد أن هذه العلاقة من الممكن أن تهتز لأي سببٍ كان.
إلا أن محاولات موسكو سحب الدولة الأطلسية من تحت مظلة واشنطن، أمر إن حدث فهو رائع لطبيعة العلاقات الروسية – التركية، لكن المريب في أن السياسة الروسية وخاصة الخارجية منها تمتاز بخبرتها في التحليل وفهم ماهية السيناريوهات الأمريكية، وإلى الآن تحاول سحب تركيا عبر الإغداق عليها بالإتفاقيات الاقتصادية والإمساك معها بالملفين السوري والليبي، والإذعان لأنقرة أكثر من مرة والقبول بهدن مطروحة من الجانب التركي وفشل ذلك، ولا تزال تراهن على هذا النظام اللعوب، فمسألة إعتبار أن ما يحدث في إدلب السورية هو دور روسي – سوري – إيراني مشترك يقوض الأمان ويعمل على تهجير السكان هو أمر غير مقبول ولن تقبل روسيا بذلك، خاصة بعد إستهداف ضباط روس في المنطقة المذكورة، يضاف إلى ذلك أن النظام التركي لم يبلغ واشنطن عن الإستهدافات المستمرة للقاعدة الروسية في ريف اللاذقية، فالمحور الآخر وحده من يعاني أوضاعاً إنسانية، أما المحور المقابل غير مبالي بحسب الرواية الأمريكية.
فالتلويح بالعقوبات الاقتصادية الأمريكية على روسيا، بدون أي مقدمات، وحتى بدون مسألة معركة إدلب، هو مطلب امريكي يرقى لأن يكون أمنية لإضعاف روسيا، فكيف وإن تمسكت بأسباب واهية كموضوع محاربة الإرهاب في إدلب وإعتبرت الإرهابيين حمامات سلام، لتستخدم هذا الموضوع ذريعة وتعمل على وضع حزمة عقوبات خاصة بعد تصاعد الوضع الاقتصادي الروسي.
فاليوم، تهدد واشنطن موسكو بسبب دعم الأخيرة للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، ليس عبثياً، لأن فنزويلا الغنية بالموارد الطبيعية والذهب، تخشى الولايات المتحدة أن يذهب كل ذلك إلى الإتحاد الروسي، بعد فشل الإنقلاب حتى مع دعم خوان غوايدو المعارض الأبرز لمادورو والمدعوم أمريكياً، فليس لواشنطن سلاح سوى التهديد بالعقوبات الاقتصادية للدول، والدولة الأبرز التي يجب أن يتم إستخدام هذا السلاح معها هو تركيا، لكن رغم ذلك لم يحدث شيء من ذلك، رغم وجود الداعية الإسلامي وعدو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فتح الله غولن، إلا أن العلاقة التركية – الأمريكية لا يمكن إختراقها.
من هنا، إن موضوع إستكمال تحرير إدلب اليوم ضرورة روسية قبل أن تكون ضرورة سورية، ومبدأ التلويح بالعقوبات يجب أن ترد عليه موسكو في الشمال السوري، في ضوء معلومات تتحدث عن مشروع تقسيم في الشرق السوري، برعاية أمريكية – تركية والأكراد جزء منه، الأمر الذي يعني أن اميركا مشهورة في غدرها، لكن تركيا هي الأخطر حالياً في المنطقة وعلى الإتحاد الروسي الحذر من ذلك، أو سنشهد العودة إلى المربع الأول وهذا ما تراهن عليه الإدارة الأمريكية.
فريق عمل “رياليست”