قال نائب وزير الخارجية والمغتربين مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، الدكتور بشار الجعفري: إن المخيمات الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية – “قسد” المدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، يتواجد فيها أعداد كبيرة من الإرهابيين الأجانب وعائلاتهم، هذه المخيمات تعتبر مكانا جديداً لإنشاء جيل آخر من الإرهابيين على يد نساء ورجال متطرفين، مؤكداً على ضرورة مساءلة الدول الداعمة للإرهاب في سوريا، وإلزامها بوقف انتهاكاتها للقانون الدولي”، طبقاً لوكالات أنباء.
وفي بيان قدمه لرئاسة مجلس الأمن، اعتبر الجعفري أن عدم اضطلاع مجلس الأمن بمسؤولياته بهذا الشأن يشجع الإرهابيين ورعاتهم على التمادي في جرائمهم، طبقاً لذات المصدر.
إن طبيعة تقسيمات الجغرافية السورية، بحسب الولاءات وتطبيق الأجندات الإقليمية والدولية، فرضت واقعاً هجيناً يحتاج إلى تضافر جهود حقيقية للمقدرة على إيجاد حل له، وبالتالي، لماذا المجتمع الغربي لا يقوم بإيجاد حل لمواطنيه من “الإرهابيين” الموجودين في سوريا والعراق؟ وهل هناك تواطؤ أمريكي عبر قسد من خلال إبقائهم ومن ثم استثمارهم لاحقاً؟ فلقد سبق وأن ارتد الإرهاب إلى أوروبا، فهل تحاول الأخيرة التخلص منهم لضمان عدم عودتهم؟
خطة محكمة
إن الجميع يعلم أن هناك مئات الآلاف من الإرهابيين الذين دخلوا إلى سوريا عبر دول إقليمية، وشاركوا في الحرب الدائرة فيها، قبيل تحديد انتمائاتهم، سواء لتنظيم القاعدة أو التنظيمات المتشددة الإرهابية الأخرى، ومن ثم تم الإعلان عن فصيل جديد كان الأكثر دموية من بينهم جميعاً، ألا وهو تنظيم داعش، الذي إعتمد في تشكيلاته على العنصر الأجنبي، فكان يضم الكثير من الأجانب خاصة من أوروبا الغربية والشرقية، إضافة إلى بعض العرب.
وبالتالي إن أجهزة الاستخبارات الغربية كانت تتمركز في غرفة الموك في الأردن على الحدود الجنوبية مع سوريا، وكانت ترصد كل التفاصيل، فضلاً عن الحدود الشرقية والمشتركة مع العراق، أيضاً، كانت المنطقة تحت المجهر الأمريكي، وبالطبع تركيا التي تبين طبيعة دورها في هذا الأمر، فكان التغاضي الغربي عن السماح لمواطنيهم بالمغادرة والقتال في سوريا، على مبدأ الخطة التي رسموها، وهي تطهير بلادهم من هؤلاء، إلا أن الواقع بين أن الإرهابيين شكلوا قوة كبيرة كان لها دوراً كبيراً في كثير من المعارك التي تم خوضها ما بين الأعوام 2012 وحتى 2015، وبالتالي توسعت دائرتهم وشكلوا عائلات، وأنجبوا أولاد، لكن لم تسقط سوريا، ولم يتم السيطرة عليها كما كان يتوقع الغرب، وبدأ البعض من الجهاديين يريد العودة، لكن لم يتم السماح لهم، ومن استطاع العودة تم إلقاء القبض عليه ومحاكمته، ما يبين أن في مجيئهم لا يتم الكشف عنهم، لكن رصدتهم أجهزة الاستخبارات الغربية حين عودتهم، وهذا يكشف الدور الغربي السلبي في هذا الخصوص.
هل يتم استثمار الإرهابيين وعائلاتهم؟
إنتشرت أخبار كثيرة في الفترة الماضية عن نقل القوات الأمريكية للعشرات من قيادات داعش المحتجزين في سجون قسد، كما سمحت الأخيرة لبعض النازحين من السوريين العودة إلى مناطق سيطرة الدولة السورية، لكنها لم تسمح للأجانب منهم بالمغادرة، بأمر غربي بالطبع، ففرنسا على اهتمام كبير بالأكراد، وتعمل على محاربة تركيا من أجلهم، تحت بند أنهم أقلية عرقية، تريد باريس الحفاظ عليها، لكن لا بد من القول إن الجنسية الغالبة على هؤلاء هي الفرنسية، فالدولة الفرنسية لا تريدهم بأي شكل من الأشكال، وكل ما قامت به في فترة سابقة وخلال عشر سنوات من عمر الحرب السورية أن أخذت بضعة أطفال من أبناء عناصر داعش، لإعادة تأهليهم ومن ثم إدماجهم في المجتمع الفرنسي، بينما بقي ذويهم بين المعتقلات والمخيمات.
وبالتالي، إن التواجد الإرهابي اليوم في سوريا، مع وجود المئات من الأطفال اليوم، عامل خطير جداً، لجهة التربية الإرهابية التي سيتلقونها، فضلاً عن خطورة قيام أية معارك مستقبلية ومقتلهم دون أن يعوا ماذا يحدث، وفي كلا الحالتين، هذا برسم مجلس الأمن وكل المنظمات الدولية، التي تساهم بطريقة أو أخرى، على إنشاء جيش إرهابي جديد، قد يكون أشد خطورة على المجتمعات جميعاً، وخصوصاً الدول الأوروبية التي اختبرت بعضاً من أشكال الإرهاب على أراضيها.
أخيراً، إن أوروبا، تورطت ربما بطريقة غير مباشرة من خلال مشاركتها في حروب لا طائل منها، خاصة الحرب السورية، التي أضرت بها، عملاً بالأوامر الأمريكية، وفقدت بروكسل بسبب واشنطن هيبتها أمام العالم، وبالتالي، ملف الإرهابيين الأجانب وعائلاتهم، ملف سيقوض البيت الداخلي الأوروبي، المتصدع أصلاً، ولعل خسارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، أول مكسب حقيقي للغرب الأوروبي، كفرصة لإستعادة مكانته وقراره الذي سُلب منه، فمسألة الإرهاب وعلاج هذا الملف يتطلب جهوداً حثيثة لأن المستقبل سيكون كارثي، ما لم يُعنى الجميع بأدواره، الأزمة السورية وبصرف النظر عن تعقيداتها، لكنها الأزمة التي ألقت بظلال تأثيراتها على الجميع، وكان قد قال وزير الخارجية والمغتربين السابق وليد المعلم للأوروبيين، حول الإرهابيين “بضاعتكم ردّت إليكم”. فهذه مسؤولية برسم الغرب وعلى الجميع تحمّل مسؤولياته.
فريق عمل “رياليست”.