قال بيان مشترك إن تركيا وروسيا اتفقتا في محادثات في أنقرة على مواصلة الجهود المشتركة لتهيئة الظروف من أجل وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا وتدرسان تشكيل مجموعة عمل مشتركة، وجاء في البيان الذي نشرته وزارة الخارجية التركية أن أنقرة وموسكو اتفقتا أيضاً في المحادثات على إتاحة المجال أمام تحقيق تقدم في الحوار السياسي بين الليبيين، وحثتا الأطراف المعنية على اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان وصول المساعدات الإنسانية وتسليم المعونات العاجلة لمستحقيها، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
عادت الدبلوماسية التركية إلى إنتهاج سياسة الهدوء الحذر في التعاطي مع الملفات الضاغطة، المشتركة بينها وبين الإتحاد الروسي، خاصة الملف السوري، فبعد أن وصلت الدورية المشتركة رقم 21 إلى وجهتها، عادت الدورية الروسية – التركية لإكمال مسيرها والذي يحمل رقم 22 نحو تل الحور في ريف اللاذقية الشمالي، الذي توقف جراء إستهداف الدورية الروسية على الطريق الدولي “إم -4″، إنقاذاً لإتفاقية موسكو الموقعة بين الجانبين في 5 مارس/ آذار الماضي.
ليكتمل المشهد بالبيان المشترك في محادثات أنقرة، خاصة بعد التطورات الأخيرة في الملف الليبي وإنقسام الدول الداعمة لطرفي الصراع في ليبيا، إذ يمهد الاتفاق إلى وضع خطة عمل سياسية تلزم طرفي الصراع على إيقاف المعارك على الأقل مؤقتاً، مع الإشارة إلى أن البرلمان المصري كان قد وافق بالإجماع على تأييد قتال الجيش المصري ضمن مهامٍ خارجية، وهذا ينطبق على البرلمان التركي الذي أيد إرسال الجيش التركي لتنفيذ مهام قتالية خارج حدود دولته، ومن هذا المنطلق، كانت التهدئة هي الخيار الأفضل، لعدم فتح أية معارك ستكون كلفتها على كافة الأصعدة عالية لكل الأطراف، خاصة وأن تصنيف الجيش المصري على المستوى العالمي من بين الثلاثة جيوش الأوائل.
إن موقف موسكو من هذا الموضوع يعيدها على أكثر أمر بارعة فيه وهو دور الوساطة وتقريب وجهات النظر، خاصة وأن الأزمة الأرمينية – الأذرية قد دخلت على خط الملفات الساخنة، فالدبلوماسية الروسية لا تريد هدم مفاوضات عمرها حوالي العشر سنوات سواء بالملف السوري وما تلا بعده من ملفات مستجدة والملف الليبي هو الأخطر في الوقت الراهن.
وبالتالي، إن صدقت نوايا الأطراف التي تريد تفعيل الحل السياسي مجدداً، هذا يعطي مساحة لترتيب جميع الأوراق خاصة مع جائحة “كورونا”، وكما حدث في معركة إدلب بالشمال السوري، التي كان لروسيا دور فيها، ولتركيا التجربة الأكبر، لجهة الخسائر، فهي لا تريد تكرار هذا السيناريو في ليبيا، ليكن على الأقل في الوقت الراهن، كذلك مصر التي تتصرف بحكمة في التعاطي مع هذا الملف، وهي لطالما فضلت الحل السياسي على العسكري، والذي قد يكون حقيقةً آخر الحلول في حال التوصل إلى طرق مسدودة.
من هنا، إن ما خرج به البيان التركي – الروسي المشتركة بكل تأكيد سيكون على شكل “إستراحة محارب” خاصة وأن طرفي الصراع لكلٍّ منهما تحالفاتهما الخاصة، ما يعني أن تركيا تستطيع إقناع حكومة الوفاق بقيادة فائز السراج، كذلك الجنرال خليفة حفتر، لموسكو القدرة على إقناعه بضرورة خوض المفاوضات لإيجاد صيغة سياسية قد تنهي المعارك، ومن الممكن دخول دول أخرى في هذه المفاوضات، إلا إذا دخلت الولايات المتحدة الأمريكية، وخربت على روسيا هذا المسعى، الأمر الذي قد يبدد مساعي كل الأطراف في هذا السياق، وفي القادم من الأيام ستتكشف حقيقة الأدوار وتجاذبتها تجاه هذا الملف المعقد.
الأمر المهم الآخر هو أن استمرار المفاوضات الروسية-التركية حول ليبيا بشكل ثنائي سيعني إضعاف أدوار الاعبيين الإقليميين في ليبيا، و هذا أمر يجب أن تدركه قيادات هذه الدول الإقليمية.
فريق عمل “رياليست”.