كابول – (رياليست عربي): تواصلت في أفغانستان، اليومين الماضيين، الهجمات المسلحة التي راح ضحيتها عشرات العسكريين والمدنيين، في الوقت الذي تستمر فيه جهود مباحثات سلام متعثرة، بين الحكومة وحركة طالبان، بالدوحة، طبقاً لموقع قناة “الجزيرة“.
وتسجّل هذه الهجمات رغم التوصل لاتفاق بين واشنطن وحركة طالبان، في فبراير/شباط 2020، ينص على انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان.
تراجع استراتيجي
إن كثافة الهجمات من قبل المتشددين دون أن تتبنى أية جهة مسؤوليتها عن هذه الاستهدافات، خاصة الانتحارية منها، عنوانه “إفشال محادثات الدوحة” المرتقبة، لجهة أنه من المتوقع أن تكون كل الجهات المنخرطة لها جزء من المسؤولية، إذا لم تكن كل المسؤولية، وبالتالي، لحركة طالبان مصلحة متماهية مع عنصر خفي، يُراد منها الإبقاء على الزخم السابق من الأعمال الإرهابية، كذلك الأمر لواشنطن مصلحة بدأت منذ تأجيل موعد الانسحاب الأول المتفق عليه، حتى سبتمبر/ أيلول المقبل، وهو هامش وقت يتيح لها التصرف في محاولة للبقاء شرعياً والذريعة على ما يبدو أصبحت مهيأة لأن يُلغى الاتفاق وتبقى القوات الأمريكية، رغم أن الولايات المتحدة سبق وأن أثبتت حُسن نيتها من خلال تسليم بعض القواعد العسكرية للجيش الأفغاني.
اليوم انسحبت روسيا من معاهدة السماوات المفتوحة للحد من التسلح، ومسألة الاتفاق النووي رغم تعثرها ي كثير من الجزئيات بحسب التصاريح، إلا أن الاتفاق بحكم المنجز، والذي سيسمح بإلغاء ورفع العقوبات عن إيران، ما يعني أن فترة ولاية الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن ستسمح بعلاقات جيدة، إلى أن تنتهي ولايته، لكن وبنفس الوقت أمريكا تريد تأمين نقطة تحكم بروسيا وإيران معاً، وذلك عبر أفغانستان، لعلمها أن لموسكو وطهران نفوذ قبل أن يكون سياسي أو عسكري، هو نفوذ جغرافي، ما يعني أن الوضع الأمني سيبقى ساخناً إلى درجة كبيرة حتى تتوضح المخططات الأساسية التي أجازت التصعيد في هذا الاتجاه.
محادثات الدوحة
تحاول قطر اليوم لعب دور الوسيط والمقرّب لوجهات النظر من خلال رعايتها للجولة الجديدة من هذه المحادثات، وبالتالي، تملص المنخرطين في هذا الملف من إعلان المسؤولية، سيضع المحادثات أمام تحدٍّ صعب، قد يتفق الأفرقاء على النقاط الأساسية نظرياً، ويفعلونها عملياً، لكن لا يمكن لذلك أن يتحقق خاصة في ظل الفوضى الدولية التي بلغت حداً غير مسبوق، سواء في الشرق الأوسط أو غرب آسيا، وصولاً إلى أفريقيا.
إن الوضع في أفغانستان عاد إلى التعقيد مجدداً، كله لغاية واحدة، أن الانسحاب الأمريكي لن يتحقق، واليوم أصبح دور طالبان مشكوكاً به لجهة إذا لم تتبنى هذه العمليات، من هو الطرف الذي يحاول تعطيل كل الجهود التي توصل إليها أطراف الأزمة الأفغانية؟
ما يعني إن توقف طالبان عن العمليات العسكرية يعني ضمناً – إن كان هناك جهة خفية – انسحاب استراتيجي لصالح حكومة أفغانستان، وهذا اما لن تسمح به على الإطلاق، لكن المؤشرات تقول إن اتفاقاً خفياً لا يخرج عن الأطراف المعنية في هذا الملف لهم اليد الطولى في تأجيج وتصعيد هذا الملف، لأسباب شُرحت آنفاً.
خاص وكالة “رياليست”.