قال مسؤولون بالشرق الأوسط ومصادر إن مسؤولين سعوديين وإيرانيين يعتزمون عقد مزيد من المحادثات المباشرة هذا الشهر لكن لم يتحدد بعد موعد لها، وذلك بهدف تهدئة حدة التوتر بين البلدين في خطوة مهمة لتحقيق الاستقرار الإقليمي، ولم تؤكد أي من الرياض أو طهران عقد اجتماع أول في العراق أو تنفي، في وقت سابق من هذا الشهر رغم أن السفير الإيراني لدى بغداد رحب بالوساطة العراقية لإصلاح العلاقات مع دول الخليج، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
محادثات “إجبارية”
من الطبيعي بمكانٍ ما، أن لا تصرّح العربية السعودية عقدها اللقاء الأول والذي حدث بحسب التصريحات الإعلامية في التاسع من أبريل/ نيسان الجاري، على أن تتم محادثات أخرى في الشهر الجاري أيضاً في العراق، على اعتبارها بلداً مقرباً من البلدين، لكن هذا يأخذنا إلى جُملة التنازلات التي طرحتها الولايات المتحدة الأمريكية ورمتها في السلة الإيرانية، لأجل اتمام الاتفاق النووي، على النحو الذي تأمله واشنطن، ما يعني ان ذهاب الرياض إلى محادثات مع إيران هو بطلب أمريكي، وبمعنى أدق، برعاية أمريكية هذه المرة، لأن تهدئة الأجواء بين الطرفين هي مصلحة أمريكية في الوقت الحالي.
الجميع يعلم أن النزاع القائم بين طهران والرياض على خلفية الحروب بالوكالة في كل من اليمن وسوريا والعراق وإلى حدٍّ ما لبنان، أيضاً سبق وأن اتهمت السعودية إيران بضلوعها بمد الحوثيين بكافة أشكال الدعم والمساعدة وضرب منشآتها النفطية في العام 2019، أي (أرامكو)، الأمر الذي نفته إيران، وفي مرحلة ما، عملت الإدارة الأمريكية السابقة في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على تأجيج وتعزيز الخلافات بين الجانبين، رغم أن إيران صرحت في أكثر من مناسبة أنها ترحب بالجلوس مع السعودية على طاولة واحدة وحل الخلافات مدعية أن مصالحهما مشتركة في المنطقة.
مكسب “خليجي”
الاعتراف أو اللااعتراف بهذه المحادثات من جانب السعودية لن يغير من واقع الحال شيء، وإن كانت الرياض منفتحة على نبذ الخلافات حتى وإن كان بوساطة أمريكية ولمصلحة أمريكية، لكن الرياض مستفيدة أكثر من إيران نفسها في حال وافقت على الوصول إلى حل وسط مع إيران، يأتي ذلك بأن تضمن الرياض وقف الحرب اليمنية، خاصة مع تصعيد الحوثيين مؤخراً باختيارهم أهداف سعودية حيوية، ما يضع خطة ولي العهد محمد بن سلمان “2030” في خطر مستقبلاً، لكن إن تم الأمر ستغلق حقبة بدأت في العام 2015، وستنتهي مع نهاية هذا العام إن سارت الأمور وفق توقيت واشنطن الذي يستطيع وقف كل أزمات الشرق الأوسط، وهذا إن دل على شيء، إنما يدل على أن الولايات المتحدة الأمريكية تتحكم في مختلف الأزمات، تصعّد عندما تريد وتنهيها عندما تريد، هذه حقيقة والظروف الدولية والإقليمية تؤكد ذلك.
الملعب العراقي
إن احتضان العراق لهذه المحادثات على عكس من يعتقد أن النظام العراقي مقرب من السعودية وإيران، العراق مقرب من الجميع ومع ذلك، لم يستطع إيجاد حلول على الصعيد الداخلي العراقي، ليتدخل في وساطة خارجية، إيران مؤثرة في العراق وليس العكس، كذلك الولايات المتحدة، أما السعودية وزيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مؤخراَ إلى الرياض، كانت ذات طابع اقتصادي أكثر منه سياسي، وبالتالي عملية الربط بين المحادثات القائمة وهذه الزيارة لا صلة لها بهذا الأمر، إنما العراق جاءت كبلد محايد يستطيع الإيرانيون زيارته كما السعوديون لا أكثر ولا أقل.
أخيراً، إن هذه المحادثات رغبة من الرئيس الأمريكي جو بايدن بتهيئة الأجواء لإعادة الزخم الاقتصادي العالمي، وعودة واشنطن إلى قمة اوجها الاقتصادي من بوابة الاتفاق النووي وكل البوابات التي تهيئ لها مجابهة الصين، هذا الأمر لن يتحقق ما دامت بعض الصراعات في المنطقة تؤثر على سعر النفط العالمي، وتؤثر على حركة الملاحة والتجارة العالمية، وإن هدوء منطقة الخليج والمصالحة الإيرانية – السعودية مفتاح رئيس لتحقيق ذلك، يبقى الدور على الرياض وموقفها من هذا الأمر، لكنه أيضاً لن يتأخر، مع العلم أنه سيصب في مصلحة إيران اقتصادياً ليكون تغلغلها في الشرق الأوسط أضر بدوله وجلب لها المنفعة الكبرى.
فريق عمل “رياليست”.