موسكو – (رياليست عربي): بعد يومين من المعارك الدامية التي دارت بين القوات المسلحة الروسية والأوكرانية في مقاطعة كورسك الروسية طيلة يوم 6 أغسطس، وعمليات التمشيط الروسية التي تبعتها طيلة يوم 7 أغسطس، نتيجة المحاولة الفاشلة للقوات الأوكرانية من أجل شن هجوم واسع النطاق على مقاطعة كورسك الروسية:
- بحث الجانب الروسي رسمياً هذه المحاولة الأوكرانية الفاشلة لإختراق مقاطعة (كورسك) الروسية التي تعرضت لقصف صاروخي ومدفعي وهجوم بالمسيرات الجوية، أسفر عن مقتل 5 مواطنين روس وإصابة 31 شخصاً من بينهم ستة أطفال، وهو الأمر الذي أثار سخط الرأي العام الروسي بشدة.
- وخلال الإجتماع الذي ترأسه فخامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصياً مع وزير الدفاع الروسي (أندريه بيلوأوسوف)، وسكرتير مجلس الأمن الروسي (سيرجي شويغو)، ورئيس جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (ألكسندر بورتنيكوف) ورئيس هيئة الأركان العامة الروسية (فاليري غيراسيموف) لبحث الوضع في مقاطعة كورسك، أكد الرئيس بوتين أنه قدم ليستمع إلى تقرير وكالات إنفاذ القانون حول الوضع الجاري في كورسك، حيث أكد له رئيس الأركان الفريق (فاليري غيراسيموف) أن خسائر قوات العدو الأوكراني (قوات نظام كييف) قد بلغت 315 عسكرياً أوكرانياً، من بينهم ما لا يقل عن مئة قتيل و215 جريحاً، كما تم تدمير 54 عربة مدرعة من بينها سبع دبابات.
- وبعد هذه الحادثة، تحدث نائب رئيس مجلس الأمن الروسي (دميتري مدفيديف)، والمعروف بتشدده وقسوته ضدَّ الأوكرانيين، فأكد أن العملية العسكرية الروسية الخاصة يجب من الآن فصاعداً أن تكتسب طابعاً صريحاً يتجاوز الحدود الإقليمية، كما يجب لهذه العملية أن تتوسع لتشمل عمليات عسكرية واسعة أكثر شمولية، من أجل الإستيلاء على مدن عديدة من بينها العاصمة كييف.
- وأضاف دميتري مدفيديف أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، لم تعد مجرد عملية لاستعادة الأراضي الروسية الرسمية ومعاقبة النازيين، بل باتت ضرورية للتوغل في عمق الأراضي المتبقية من أوكرانيا، مشدداً على ضرورة الوصول إلى مدينة (أوديسا) البحرية، وإلى مدن أخرى مثل (خاركوف) و(دنيبروبيتروفسك)، وإلى (نيكولاييف)، وصولاً إلى العاصمة الأوكرانية كييف نفسها، وما بعد ذلك.
- وأردف مدفيديف أنه لا ينبغي أن تكون هناك أي قيود بخصوص الحدود المعترف بها لــــ(الرايخ الأوكراني) على حد تسميته، مؤكداً بأنه اعتباراً من الآن يجب التحدث عن ذلك بشكل علني وصريح، وبدون أي خجل أو مناورات سياسية أو حتى دبلوماسية، لأن العملية الإرهابية التي قام بها أتباع (ستيفان بانديرا) مؤخراً في كورسك وما حولها، يجب أن تزيل أي محرمات من هذا الموضوع، ويجب أن يفهم الجميع هذا الأمر بشكل عاجل، بما في ذلك (الأوغاد الإنجليز) – على حد وصف وتصريح دميتري مدفيديف.
- من جانب وزارة الخارجية الروسية: أعلنت المتحدثة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية (ماريا زاخاروفا) أن (فلاديمير زيلينسكي) أرسل الأوكرانيين إلى (مفرمة اللحم) كما أسمتها زاخاروفا، في مقاطعة كورسك الحدودية الروسية، وذلك من أجل تمديد التعبئة العامة التي أعلنت في أوكرانيا لمدة 3 أشهر إضافية. ولهذا حذرت ماريا زاخاروفا من نشر نظام كييف للأخبار المزيفة والمضللة عن المحاولة الفاشلة للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك، لأن وسائل إعلام نظام زيلنسكي لن تنشر الحقيقة بشأن تقهقر قوات نظام كييف في (كورسك)، وتلقيها خسارة فادحة، ومقتل العديد من الضباط والمسلحين هناك.
آراء المراقبين والمحللين والخبراء في مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية الروسية والعالمية:
- يرى العديد من المراقبين والمحللين والخبراء في مجال العلاقات الدولية من المختصين بملف العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتطوراتها اللوجيستية أمنياً وعسكرياً، مثل الكاتب والمحلل السياسي الأمني والعسكري الروسي (فيكتور بارانيتس)، والذي نشر مقالاً مطولاً له في (كومسومولسكايا برافدا)، أكد فيه أن القوات المسلحة الأوكرانية قد هاجمت في البداية مدينة (سودزا) الروسية بمنطقة كورسك والتي يبلغ عدد سكانها 5000 نسمة، لكونها تقع على بعد 9 كيلومترات من الحدود (الروسية الأوكرانية) حيث استعملت قوات نظام كييف المدفعية الضخمة، ومن ثم استعملت قوات نظام كييف طائرات مسيَّرة هجومية بأسراب كثيرة. وعندما بدأت القوات الروسية تتصدى لهذه المحاولة الغادرة، ألقى الأوكرانيون في المعركة بوحدة كبيرة من (رجال المشاة)، يبلغ تعدادها حوالي 300 جندي، حيث تمَّ دعم هجوم قوات كييف بزج القوات الأوكرانية 11 دبابة و22 مركبة مدرعة، وهو ما جعل المعركة طاحنة.
- ويضيف الخبير العسكري والأمني الروسي (فيكتور بارانيتس)، أن الفضل الكبير في هذا النصر الروسي يعود إلى حرس الحدود وجنود الجيش الروسي، من المتمركزين عند المنطقة الحدودية بالذات، فعلى الرغم من أعدادهم القليلة، إلا أنهم حرموا الأوكرانيين من دخول الأراضي الروسية ولو حتى لمئات الأمتار، وأعاقوا تقدم قوات كييف، بمجرد أن رصدوا في الطريق إلى الحدود (حوالي الساعة 8 صباحاً) تقدم آلياتهم وعتادهم ضمن القوافل الأوكرانية، وقابلوهم بنيران كثيفة من جميع الأسلحة المتاحة، وهو الأمر الذي أعاق تقدم قوات المشاة الأوكرانيين بالذات، الذين لم يستطيعوا الهجوم على (سودزا) الروسية، لغاية وصول العربات والدبابات الأوكرانية التي فتحت الطريق أمامهم.
- ويؤكد (فيكتور بارانيتس) أن الهجمات الأوكرانية الغادرة لم تقتصر على تلك التي شنتها قوات نظام كييف على اتجاه (سودجانسكي)، وإنما تعدتها إلى أجزاء أخرى من الحدود (الروسية الأوكرانية) في منطقة (كورسك)، حيث حاول الأوكرانيون التسلل إلى داخل الأراضي الأوكرانية في مجموعات صغيرة، لكنهم واجهوا أيضاً مقاومة شرسة، نظراً لأن المخابرات العسكرية الروسية كانت على علم بتحركات العدو والهدف منها المتمثل بالقيام ببعض محاولات الإستطلاع بالقوة، للعثور على نقاط ضعف ضمن مواقع القوات الروسية، لأنه بات من الواضح لأجهزة الأمن والإستطلاع الروسية أن زيلينسكي وجنرالاته يحاولون فتح جبهة أخرى من أجل سحب القوات الروسية بعيداً عن اتجاه إقليم (خاركوف).
- ويختم الخبير الروسي (فيكتور بارانيتس) تحليله الأمني والعسكري مؤكداً، أن هذه المعارك الطاحنة التي شهدتها جبهة (كورسك) لم تكن بالصدفة، لأن هذا النشاط المتزايد للقوات الأوكرانية المعادية، يؤكد بشكل واضح أن كييف التي تلمح مؤخراً بشكل متزايد إلى استعدادها للمفاوضات مع موسكو، تريد الحصول على مواقف وانتصارات إعلامية، حتى لو كانت وهمية، وبأثمان وخسائر بشرية كبيرة، وذلك من أجل المساومة على طاولة المفاوضات الدبلوماسية، فضلاً عن وجود سبب آخر أكثر أهمية لمجموعة (فولوديمير زيلنسكي) يتمثل بمعالجة نظام كييف ورجالاته العسكريين والأمنيين ومن حوله، لمبالغ كبيرة وطائلة من مليارات الدولارات، والتي وردت من واشنطن، ويتوجب على كييف تبرير صرفها واستعمالها أمام المشغلين الغربيين من الأوروبيين والأمريكيين.
حسام الدين سلوم – دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية – خبير في العلاقات الدولية الروسية.