أفادت صحيفة “ستريت جورنال“، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين لم تذكر أسمائهم، بأن بايدن أصدر تعليمات للبنتاغون بالبدء في سحب جزء من القوات العسكرية من منطقة الخليج، وتم بالفعل إعادة نشر ثلاث بطاريات على الأقل من أنظمة صواريخ باتريوت المضادة للطائرات.
ترتيب البيت الخليجي
إن السياسة الأمريكية اليوم تجاه منطقة الخليج، اتسمت بالتقلب ما بعد استلام الرئيس الأمر جو بايدن، وبعد أن كانت العلاقة الأمريكية – الخليجية وبخاصة السعودية منها، بأحلى حالاتها، أخذت العلاقة اليوم بعضاً من الفتور والتقلب، ما دفع خصوم الولايات المتحدة الأمريكية إلى استغلال هذا الأمر وبالفعل قد يحققون شيئاً ما مستقبلاً، ينقل الشرخ إلى مرحلة خلافات وربما، تحريك المياه الراكدة، كثورات مستقبلية يشهدها الخليج، كرد أمريكي على هذه التطورات.
إن ما نشرته الصحيفة هو أمر ليس بعيداً، عن سياسة بايدن الحالية التي تتسم بالغموض في الآونة الأخيرة على عكس التوقعات، ومن المؤكد أن جولة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الصيني وانغ يي الأخيرتين لم ترق لواشنطن، لكنها مثمرة وكثيراً بالنسبة لروسيا والصين، قد لا تكون نتائجها ككل واضحة حتى الآن، إلا أن ثمة مؤشرات كثيرة تبين أن الخليج يريد أن يخلع عباءة التحكم الأمريكي أخيراً، على سبيل المثال، الموقف السعودي من الأزمة السورية، حيث نجد تغيراً ملحوظاً في الخطاب الرسمي السعودي تجاه دمشق، أيضاً زيارة رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي الأولى إلى المملكة العربية السعودية، تبين أن هناك انفتاح عربي – عربي جديد من نوعه، إذا لم يحقق أيضاً بعض النتائج لكنه على الأقل يضفي نوعاً من التوازن بين الدول العربية.
كل هذه التطورات، لم تأتِ لوحدها، بل كانت سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الجديدة هي السبب وراء ذلك.
الانسحاب الأمريكي
إن مسألة انسحاب جزء أو كل من القوات الأمريكية الموجودة داخل الخليج، أو تخفيض عدد القوات الموزعة في الدول الخليجية أمر غير وارد، الجميع يعلم أن الوجود الأمريكي كان ولا يزال تحت ذريعة حماية أمن الخليج من إيران، وأن تخفيض عدد القوات هو محاولة لي ذراع السعودية بدرجة أولى في المنطقة، لكن مسألة الانسحاب لا يمكن لها أن تحدث خاصة وأن هذه المنطقة تشكل للولايات المتحدة الأمريكية أهمية كبرى، ولا يمكن أن تبقى العلاقة في شكلها الحالي، إلا أن الإدارة الأمريكية تريد أن تعرف عن خصومها إلى درجة من الممكن لهم يصلوا في تطبيعهم من دول الخليج، ومن ثم تتحرك، لتنسف كل ما تم الاتفاق عليه، وبالتالي يمكن تلخيص بعض الأسباب التي تؤكد هذه النظرية:
أولاً، تحاول واشنطن تقويض الصين، ولا بد أنها استشعرت الخطر الصيني الجديد جراء الاتفاقية الصينية – الإيرانية الأخيرة، والتي قد تغير من قواعد الاشتباك في منطقة الشرق، وبالتالي ستتحرك عندما تغرق الصين في صحراء الخليج.
ثانياً، الأمر الآخر، تعلم واشنطن أن الصين كان تعتمد سياسة التمدد الحذر، لكن وبنفس الوقت تريد بكين توسعة دائرة نشاطها وهي بحاجة إلى نفط الشرق الأوسط بعد صعودها الصناعي الكبير، وليس أفضل من الخليج لتحقيق ذلك، لكن مع هذا الصعود ستتحرك أمريكا وترمي بمخططاتها حتى تغير من الواقع على الأرض.
ثالثاً، لو أرادت واشنطن الانسحاب من الخليج، لكانت انسحبت من العراق، ولم تماطل إلى الآن، فإذا كان انسحابها من العراق مستحيل، الانسحاب من الخليج من سابع المستحيلات، خاصة مع التمدد الصيني – الروسي الأخير.
أخيراً، إن
، وكل هذا الأمر مرتبط بالتطورات الأخيرة المتعلقة بتوجه الصين نحو منطقة الشرق الأوسط، هذا الأمر لن تسمح به واشنطن ولن تفرط بعقود من تحالفات متينة لأن تسلم المنطقة لبكين أو موسكو، الخلافات الحالية، هي خلافات حول السيطرة على العالم من بوابة الطاقة، والخليج طالما أنه يملك الطاقات الوافرة لا يمكن أن يخضع لأي مغامرات خاصة مسألة الانسحاب العسكري، لكن الخليج وخاصة السعودية تريد اليوم فرصة الاستقلالية عن واشنطن، لكن هذا الأمر بعيد المنال حالياً.
فريق عمل “رياليست”.