ذكرت شبكة تلفزيون الجزيرة أن قطر قالت يوم الثلاثاء إنها ستقدم 100 مليون دولار لمساعدة الجهود الدولية الرامية لتخفيف الأزمة الإنسانية في سوريا، ونقلت القناة، عن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قوله إن الوضع الإنساني لن يتحسن إلا بالتوصل إلى حل سياسي للأزمة، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
من الدمار إلى الإعمار
شهدت الحرب السورية تدخل إقليمي وعربي واسع إزاء محاولة إسقاط النظام السوري أولاً بعزلة دبلوماسية ومن ثم عسكرياً، وبعد ذلك من خلال الضغط الاقتصادي، ولن نقيّم هنا التدخلات الخارجية والإقليمية بعينها، لكن كان التكاتف متين فيما بينهم لإسقاط الدولة السورية، لكن لا بد من التأكيد على أن إسقاط دمشق عسكرياً لم يتحقق بالشكل الذي كان مخطط له، ولن نقول إن الضغط الاقتصادي لم يخنق سوريا، بل على العكس، تعيش البلاد الآن أسوأ كارثة اقتصادية يمكن أن تمر على بلد من البلاد، فضلاً عن أن المجتمع الدولي يخرج ويقول إن مساعدة سوريا أولوية لكن لم يتحقق ذلك حتى الآن.
وفي المؤتمر السنوي الخامس “لوقاية اللاجئين السوريين من المجاعة”، سيطلب الحدث الذي يستضيفه الاتحاد الأوروبي 4.2 مليار دولار للأشخاص داخل سوريا و5.8 مليار دولار للاجئين والدول المضيفة في الشرق الأوسط، ويحتاج حوالي 24 مليوناً إلى مساعدات أساسية، بزيادة أربعة ملايين خلال العام المنصرم وهو أعلى رقم حتى الآن منذ بدء الحرب على سوريا عام 2011، في هذا الصدد يقول مارك لوكوك منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة: “مرت عشر سنوات من اليأس والكارثة على السوريين، ويؤدي الآن تدهور الظروف المعيشية والتراجع الاقتصادي وكوفيد-19 إلى مزيد من الجوع وسوء التغذية والمرض. ثمة قتال أقل ولكن لم تتحقق عوائد للسلام”. طبقاً لوسائل إعلامية.
يقابل ذلك، أن هذه الدول نفسها، هي أحد أهم أسباب معاناة السوريين، لكن السؤال الأهم، هل ستصل الاموال القطرية والغربية إلى الشعب السوري أم إلى المتنفعين من الأزمة السورية؟
المعابر الإنسانية
إن هدف الغرب كما يقول إيصال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وضروري للسوريين، لكن تجدر الإشارة إلى أن روسيا وبضغط على الشريك التركي تم فتح ثلاثة معابر إنسانية في ادلب وحلب بالشمال السوري، لكن تم تعليقها بالأمس تحديداً بعد تعرضها للقصف من جانب الفصائل الإرهابية المسلحة المدعومة من أنقرة، وهذا من جهة.
من جهةٍ أخرى، طالب وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن فتح معابر على الحدود السورية – العراقية – التركية لإيصال تلك المساعدات، مثل معبر باب الهوى ومعبر اليعربية وغيرهما، وهنا يبرز السؤال، لماذا عندما تكون موسكو من تريد تقديم العون للشعب السوري، لا تصل جهودها إلى حلول مرضية تقنع بها محور واشنطن، بينما الولايات المتحدة تريد فتح هذه المعابر، المفتوحة أصلاً وهي معابر دخول وخروج التنظيمات الإرهابية وكل وسائل دعمها، إذ انتقى بلينكن فقط المناطق الواقعة تحت سيطرة الإرهابيين، ما يعني أن كل هذا الدعم المقدم سواء من قطر وغيرها، لن يذهب لأي محتاج من الشعب السوري لأن من يسيطر على المعابر هو من سيتحكم بتلك المساعدات، وهذا على صعيد الداخل.
خارجياً، ذكرت مواقع إعلامية عن وفاة سيدتين وطفلين جراء البرد الشديد في أحد مخيمات اللجوء في لبنان، هذه المخيمات يصل إليها الدعم من المنظمات الدولية لكن نسمع يومياً عن حرائق في المخيمات والموت برداً أو جوعاً، أو حتى ضرباً من السكان المحليين، ما يفسر سبب احتفاظ الدول باللاجئين كورقة استثمار وضغط قوية، حتى عندما حصل مؤتمر دمشق برعاية روسية حول اللاجئين، الدول المانحة نفسها هي من حاولت إفشاله وإفشال كل الجهود الروسية في هذا الإطار.
أخيراً، إن استصدار قرار أممي بفتح معابر تقع تحت سيطرة المعارضة المسلحة هو فصل جديد من فصول الحرب السورية، على الرغم من أن واشنطن تستخدم تلك المعابر هي وتركيا، لكن اليوم يريدون صبغ الأمر بصيغة قانونية في مواجهة علنية لروسيا التي علقت فتح المعابر بعد تعرضها للقصف، وبالتالي، يبدو من هذا الأمر أن هناك تحضيرات ما، تتعلق بتعطيل كل الجهود السياسية والدبلوماسية بما فيها الإنسانية إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية السورية، لخلط الأوراق مجدداً، والمؤكد أن آخر الاهتمامات الدولية، الشعب السوري وما يعانيه.
فريق عمل “رياليست”.