اتهم وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان الدولة السورية وروسيا بإرتكاب جرائم حرب على ما يبدو في هجومهما على ريف إدلب، شمال غرب سوريا، وقال إن باريس ستوثق ذلك، وأضاف لأعضاء البرلمان، إن الهجوم الذي تشنه القوات السورية أصبح ممكناً نتيجة الدعم الجوي الروسي ويشهد انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان، وأردف، لهذا السبب أقول: ” نحن ننظر اليوم إلى هذه الانتهاكات على أنها ربما يمكن اعتبارها جرائم حرب وسنقوم بتوثيقها”، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
لم يعجب الغرب الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية مشاركة الإتحاد الروسي منذ البداية أي منذ سبتمبر/ أيلول 2015، إذ شهدت الأوضاع منذ ذلك العام ولغاية الأيام الحالية توترات وتصعيد وهدوء وحذر، لكنها في مجملها كانت لا تؤيد مشاركة روسيا في الحرب السورية، على الرغم من حاجة أوروبا إليها، وإلى حضورها الفاعل من الناحية الاقتصادية في أبرز المحطات والقمم التي حدثت في السنوات الماضية.
إن إتهام وزير خارجية فرنسا، إرتكاب روسيا جرائم حرب في سوريا، من الناحية العسكرية يندرج تحت إطار التغطية على وجود مقاتلين فرنسيين إلى جانب القوات التركية والتنظيمات الإرهابية في إدلب، وعددهم ليس قليلاً، كما ان لديهم معسكر تدريب داخل محافظة إدلب “المدينة”، فضلاً عن أن المخابرات الفرنسية تنشط في شمال شرق سوريا، وهي في تواجد غير شرعي على عكس القوات الروسية، زد على ذلك أنها عضو في قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، فمن المعلوم أن مدينة الرقة السورية، عبارة عن ركام لشدة قصف قوات التحالف وقوات قسد الكردية، إذ أصدرت منظمة هيومين رايتس ووتش عشرات التقارير، التي تتحدث عن أن قوات التحالف ما فعلته في الرقة يرقى لأن يكون جرائم حرب.
الجدير بذكره أيضاً، أن الأمم المتحدة أعدت تقريراً يوم الإثنين الفائت، ذكرت فيه أن روسيا إستهدفت مبانٍ سكنية وسوقاً شعبياً في مدينة معرة النعمان بريف إدلب، الأمر الذي يرقى أيضاً لأن يوصف على أنه جريمة حرب، معتبرة أن هذا الأمر، بدأ منذ يوليو/ تموز 2019، ولغاية يناير/ كانون الثاني 2020، الأمر الذي رد عليه الكرملين بإعتباره تقرير مسيس إذ لم يذكر جرائم التنظيمات الإرهابية المتشددة وأفعالها طيلة عمر الأزمة السورية.
وللتاريخ، نعود بالذاكرة إلى فترة الإستعمار الفرنسي قبيل جلاءه في العام 1947، قام الإستعمار الفرنسي بقصف مدينة دمشق منتصف عشرينيات القرن الماضي العام 1925 إثر الثورة السورية الكبرى ضد الإنتداب الفرنسي آنذاك، حيث شب حريق كبير في محلة كانت تدعى محلة العامود لتتحول إلى إسم الحريقة حيث شب حريق هائل قضى على كل البيوت الدمشقية القديمة المزخرفة بأسلوبي الباروك والركوكو، ومن هذه البيوت التي خربت دار القوتلي، التي شيّدها مراد أفندي القوتلي في زقاق العواميد، وزارها الغراندوق الروسي نقولا عند زيارته لدمشق.
من هنا، إن تاريخ فرنسا القديم والحديث حافل بجرائم الحروب منذ قتلها لشعبها إبان الثورة الفرنسية، وقادتها العسكريين وما فعلوه عند أسوار عكا، من نابليون بونابرت إلى شارل ديغول، إلى جنرالاتها الحالين وجرائمهم في مالي الأفريقية، فلابد أن ينظر لودريان إلى تاريخ فرنسا ومن ثم يقيم الدول الأخرى، إذ يبدو هناك تماهٍ دولي متسق ما بين الدول الأوروبية والأمم المتحدة لتجريم روسيا، في حين إعتداء تركيا على دولة ذات سيادة هذا فعل طبيعي، وفتح الحدود أمام اللاجئين إلى أوروبا بعشرات الآلاف، دون أن تكون تركيا لديها حالة خرب على أرضها وفي ذلك مخالفة صريحة للقانون الدولي إلا أن سلاح الجو الروسي هو المذنب وكل أفعال وجرائم وحروب الغرب عبارة عن نشر السلام حول العالم.
فريق عمل “رياليست