باريس – (رياليست عربي): الأزمة الأوكرانية الآن هي الموضوع الرئيسي المتداول في النقاشات السياسية في فرنسا الداعمة بالكامل للحكومة الأوكرانية.
هذا الدعم تترجم في إعلان الحكومة الفرنسية عن خطط لتزويد كييف بالأسلحة والمعدات المختلفة، إلى جانب تقديم المساعدة المالية، كما أعربت عن استعدادها لقبول اللاجئين على أراضيها، بالمقابل، أعلن وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لومير بالفعل عن عقوبات اقتصادية ضد روسيا.
من المعروف أن إيمانويل ماكرون واجه بعض الصعوبات عشية الحملة الرئاسية، فقد تراكمت عليه أسئلة الناخبين الفرنسيين، حول حركة الاحتجاج الشهيرة “السترات الصفراء”، والسياسة الخرقاء المناهضة لـ COVID في فرنسا، والعديد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الأخرى، ومن المقرر أن تُجرى الجولة الأولى من الانتخابات في فرنسا يوم 10 أبريل/ نيسان القادم، وحتى هذا الموعد، كان لدى ماكرون العديد من المنافسين الطموحين، فبالإضافة إلى مارين لوبان، التي جرت مبارزاتها الأخيرة في الجولة الثانية من الانتخابات السابقة في عام 2017، تمت إضافة شخصيات بارزة جديدة منهم، إريك زيمور وفاليري بيكريس(الأخيرة من الحزب الجمهوري)، الذين يمثلون الجناح اليميني.
لذلك، يبدو أن الرئيس الفرنسي سيحاول الاستفادة القصوى من الوضع السياسي الدولي الصعب من أجل زيادة فرصه في فترة رئاسية ثانية، إنه يريد أن يظهر كصانع سلام، لذلك فهو يتفاوض بنشاط مع حكومتي روسيا وأوكرانيا، في الوقت نفسه، يحاول التفاوض نيابة عن أوروبا بأكملها كزعيم واحد من الاتحاد الأوروبي، وفي الوقت نفسه، يتمتع ماكرون الآن بفرصة فريدة لعدم المشاركة في المناقشات السياسية على قدم المساواة مع المرشحين الرئاسيين الآخرين وعدم مناقشة صعوبات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية المحلية في فرنسا، في إشارة إلى التوظيف الموضوعي بسبب المشاركة في عملية التفاوض حول الوضع في أوكرانيا.
في المجتمع الفرنسي، يتمتع المرشحون اليمينيون بسمعة طيبة كسياسيين موالين لروسيا، أولاً وقبل كل شيء، نحن نتحدث عن مارين لوبان وإريك زمور، اللذين تحدثا مراراً وتكراراً بإخلاص تجاه القيادة الروسية، الآن في فرنسا، مثل هذا الموقف ليس شائعاً في المجتمع، وبالتالي فإن المرشحين اليمينيين، الذين دافعوا سابقاً عن الصداقة مع روسيا، يضطرون الآن إلى تقديم الأعذار باستمرار، وبالتالي يجدون أنفسهم في موقف خاسر مسبقاً.
في الوقت الحالي، باستثناء بعض الظروف القاهرة غير المتوقعة، يمكن الاستنتاج أن ماكرون، على الرغم من كل حالة الاستياء في المجتمع الفرنسي من سياساته السابقة كرئيس لفرنسا، سيتمكن من استغلال الظروف الخارجية وإقناع الناخبين المترددين بالوقوف إلى جانبه، بدعم كامل وغير مشروط من وسائل الإعلام الرسمية، لذا يبدو الآن أن ولاية ماكرون الثانية هي السيناريو الأكثر واقعية للانتخابات الرئاسية المقبلة في فرنسا.
خاص وكالة رياليست – إيغور إجناتشينكو – مرشح العلوم التاريخية، عالم الفرانكولوجيا، أستاذ مشارك في معهد العلوم الاجتماعية في RANEPA.