يرى ومراقبون دوليون أن إغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني ضربة قوية لإيران، متوقعين أن تتعامل طهران مع الأمر بحزم شديد، فيما اعتبرت روسيا أن هذا إغتيال هؤلاء القادة بضربة صاروخية أمريكية في بغداد، خطوة متهورة ستؤدي إلى تصعيد حدة التوتر في المنطقة بأسرها.
على الرغم من أن هذا الإغتيال من حيث الشكل، يشكل ضربة نوعية للولايات المتحدة الأمريكية، إلا انه يندرج تحت بند التسرع الغير مدروس، وفقاً لآراء عشرات المحللين والذي قد يفاقم الوضع المأزوم في الأساس ويؤدي إلى نتائج كارثية لا تحمد عقباها، إلا أن توقعات الحرب الإقليمية الشاملة هي أبعد خيار من الممكن حدوثه على الأقل على المدى القريب، إذ أن واشنطن أخذت الإحتياطات اللازمة من سحب دبلوماسييها وموظفي شركات النفط في العراق، في توقعات لردٍ ما يلوح في الأفق، فإلى الآن لم ينتهِ اجتماع مجلس الأمن القومي الإيراني الذي سيقرر الخطوة الثانية بعد حادثة إغتيال رجلهم الأول، الذي تعرض لعشرات المحاولات والتي أسفرت جميعها بالفشل بإستثناء هذه المرة التي ستغير وجه المنطقة، فقبل هذه العملية ليس كما بعده.
تعلم واشنطن أنها لم تسقط الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين لتسلم العراق إلى إيران، فهذه العملية هي بمثابة تثبيت أقدامها في العراق، وتحدّدٍ كبير لطهران، إذ أنها توصل رسالة مفادها أن تقسيم النفوذ في العراق غير ممكن ولن نسمح به، لكن المعلومات التي تتحدث عن رصد ومتابعة ودقة في عملية الإغتيال ليست نتيجة إستخباراتية أمريكية، بل هي نتيجة لإستحواذ الإدارة الأمريكية على عددٍ كبير من العملاء في الشارع العراقي، والذي كان ثمرة هذا التعاون هو الحادثة التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية.
فحادثة إقتحام السفارة الأمريكية في بغداد، تم زج إيران فيها وأنها من تقف خلفها، لكن السبب الرئيس كان إختفاء جهاز ماسح البصمات والذي إن وقع في يد قادة الحشد الشعبي العراقي قد يتم كشف كل المتعاملين مع واشنطن والخائنين لأبناء جلدتهم، ما يعني ان التطورات الأخيرة هي فرضت نفسها وأوصلت الأمور إلى ما وصلت عليه اليوم، لكن يبقى نوع الرد وشكله وأوانه مبهماً من الإدارة الإيرانية التي ما تزال متحفظة على الإدلاء بأي تصريحات حول هذا الموضوع بإستثناء بيانات النعي التي صدرت من عدة جهات رسمية إيرانية.
من هنا، من المتوقع أن يدخل الجانبين الإيراني والأمريكي في حرب إستنزاف طويلة لا تشبه الحروب العسكرية المتعارف عليها، فقد تعمل واشنطن على الزج بالإرهابيين الدواعش مجدداً في الساحات العراقية وعلى الحدود العراقية – السورية كخطوة إحترازية أولى، فيما سترد طهران على الجبهتين الشمالية الشرقية والجنوبية من سوريا، إلى جانب بعض العمليات النوعية كإستهداف جنود أمريكيين في العراق وسوريا.
لكن تبقى هذه التوقعات تحت بند التحليلات قد تصيب في بعضٍ منها وقد لا تصيب، لكن المؤكد أن خيار الحرب هو المستحيل في الوقت الحالي، وقد يكون دم قاسم سليماني هو الثمن الذي ستفاوض فيه الولايات المتحدة مع إيران، من خلال العمل بوساطة ما على التهدئة مقابل تنازلات معينة منها تقاسم النفوذ في العراق.
فريق عمل “رياليست”.