طرابلس (رياليست عربي): تتواصل الخلافات بين مجلس النواب الليبي، ومجلس الدولة بطرابلس، لتصبح أكثر حدة وعلانية من الفترات السابقة، وانعكس تأثيرها بقوة على مسار التفاهمات السياسية، والتي وصلت لمرحلة أوحت بالوصول إلى حلول نهائية لكثير من المختنقات السياسية في الحالة الليبية، غير أن ثلاثة ملفات جوهرية لا تزال تشكل عائقاً في الوصول لحلول نهائية، وتتمثل هذه العوائق في المناصب السيادية، وإخراج القوات الأجنبية من البلاد والانتخابات العامة في ديسمبر/كانون الأول القادم.
ويرى مراقبون بأن سيناريو هذا الخلاف تمثّل بوضوح في إلغاء لقاء صالح والمشري، المفترض أن يحدث في المغرب، غير أن عدم لقائهما مباشرةً أثبت بأن التفاهمات بينهما وصلت إلى طريق مسدود.
ووفق مصدر مقرب من مجلس النواب، فإن رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، أشار بوضوح في مؤتمر صحافي في الرباط بأن سبب خلافه مع المشري، هو آلية تقاسم المناصب السيادية، مبيناً أن عقيلة أشار إلى أن “البرلمان ملتزم مقررات برلين والصخيرات، فيما الطرف الآخر لم يلتزم بما أتفق عليه”.
وأشار المصدر في حديث لوكالة “رياليست” بأن رؤية البرلمان الليبي حيال المناصب السيادية ترتكز حول ما أتفق عليه سابقاً في حوارات بوزنيقة المغربية، نهاية العام الماضي (2020)، والذي أكد على ضرورة تقسيم المناصب السيادية بين الأقاليم الثلاثة، بحيث يتولى مجلس النواب إحالة عدد من الأسماء إلى مجلس الدولة، ليقوم بفرزها، وإحالة ثلاثة مرشحين في كل منصب إلى مجلس النواب لينتخب أحدهم، وهو ما لم يفعله مجلس الدولة.
وتتمحور رؤية الجهة المقابلة والمتمثلة في المجلس الأعلى للدولة، على الاعتراض على مقررات لجنة اختيار المناصب السيادية، وفق ما صرح به رئيس مجلس الدولة خالد المشري، الذي اعتبر أن “هناك تعارضاً بين المخرجات المُحالة من مجلس النواب بخصوص المناصب السيادية، وما تم الاتفاق عليه بين لجنتي مجلسي الأعلى للدولة والنواب، والتزام المجلس الأعلى للدولة، مبيناً التزام ما تم التوافق عليه سابقاً، مع عدم ممانعته عقد أية لقاءات أخرى للتباحث بشأن أية تعديلات في الآليات والمعايير المتفق عليها”.
ومع تمسك كِلا الطرفين بأن رؤية كل منهما هي الصحيحة، ومع إصرار كل منهما على عدم التنازل عنها، فبينما يرى البرلمان بأن من حقه طرح الأسماء التي ستتولى عمل المناصب السيادية، وأن يقتصر دور مجلس الدولة على فرز 3 ملفات فقط واحالتها للنواب، يُصر مجلس الدولة من جانبه على أن المقررات المحالة من البرلمان، تتعارض مع ما تم الاتفاق عليه سابقاً في لقاءات بوزنيقة، دون أن يوضح أسس هذه المخالفات.
وانسحب النزاع بين المجلسين حول المناصب السيادية، على الكثير من المسارات الأخرى، أهمها عدم إقرار الموازنة العامة من قبل البرلمان، عبر جلستين للبرلمان، نظراً لتمسك عدد كبير من النواب بضرورة عدم تمرير الموازنة العامة قبل حسم الاتفاق على المناصب السيادية.
ولا تقتصر أوجه الخلاف بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، على هذه النقاط فهناك نقاط أخرى خلافية منها ما يتعلق بالمسار الدستوري، فبينما يتمسك رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح بضرورة الاعتماد على قاعدة دستورية أو الاعتماد على الإعلان الدستوري الحالي كنص قانوني لتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
بينما يتمسك رئيس المجلس الاستشاري الأعلى للدولة خالد المشري بمطلب الاستفتاء على مسودة الدستور قبل إجراء الانتخابات، عبر المسودة التي تحيط بها خلافات عميقة بين الأطراف الليبية منذ أعوام عدّة.
تجدر الإشارة إلى أن مسألة اختيار المناصب السيادية في ليبيا، تم الاتفاق عليها في حوار بوزنيقة المغربية، وفق ما اتفقتا عليه لجنتا المجلس الأعلى للدولة، والبرلمان المجتمعتين في بوزنيقة المغربية، وفق توزيع المناصب السيادية المنصوص عليها في اتفاق الصخيرات السياسي، بين أقاليم ليبيا الحالية طرابلس، وبرقة، وفزان، على أن يكون منصب مصرف ليبيا المركزي وهيئة الرقابة الإدارية من حصة إقليم برقة، بينما يكون مناصب ديوان المحاسبة والنائب العام والمفوضية العليا للانتخابات، من حصة إقليم طرابلس، أما إقليم فزان فسيكون من حصته المحكمة العليا وهيئة المكافحة.
بينما توصل الطرفان إلى أن منصبي النائب العام، ورئيس المحكمة العليا، ستختار الهيئات القضائية مَن يشغلهما، مع مراعاة أن يكونا من الأقاليم المنصوص عليها في اتفاق بوزنيقة.
خاص وكالة “رياليست” – عبدالعزيز الرواف – كاتب وصحفي ليبي.