يستمر صراع المناصب السيادية في ليبيا منذ سقوط نظام العقيد القذافي في عام 2011 ومساهمة حلف الناتو في تدمير المؤسسات الرسمية على ( هشاشتها ) إلا أنها كانت تقدم الحد الأدنى من الخدمات. ولا تزال التدخلات الدولية في تفاصيل ادارة الدولة ، تساهم بشكل كبير في احباط أي حل ينهي مشكلة التشظي في المؤسسات وسيطرة المسلحين خارج القانون على مؤسسات الدولة ، خصوصا المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، وفي ظل ضعف إرادة حكومة الوفاق أمام قيادات المليشيات والجماعات المسلحة التي تسيطر على الأمور في العاصمة الليبية.
ويستمر محافظ مصرف ليبيا المركزي المقال من البرلمان الليبي الصديق الكبير في ممارسة عمله، بدعم من عدة دول على رأسها تركيا وقطر، رغم كل ما يوجه له من تهم قضائية وإدارية، ورغم مخالفته للوائح المصرف المركزي والقوانين الليبية والدولية والتي لا تجيز للمحافظ اتخاذ قرارات منفردة في كثير من القضايا، بما فيها توقيع الاتفاقيات المالية والاقتصادية .
وبحسب مصادر مالية ومصرفية في ليبيا أن سجل الصديق الكبير يعج بالكثير من المخالفات منها تعيينه ﺭﺋﻴسا لإدارة ﻣﺼﺮﻑ الأمة الليبي ﻣﺎﺑﻴﻦ ( 1990 ﻡ 2000 ﻡ )، ﺭﻏﻢ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺸﻐﻞ ﻗﺒله ﺃﻱ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﻗﻴﺎﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺗﺆﻫﻠﻪ لتولى ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﺼﺐ. كما أنه أحيل ﻓﻲ ﻋﺎﻡ ( 2000 ﻡ) ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ( ﺟﻬﺎﺯ ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﺍلإدارية ) ﻟﻠﺘﺤﻘﻴﻖ ﺑﺘﻬﻤﺔ (ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻣﺼﺮﻑ الأﻣﺔ ) ﺍﻧﺘﻬﻰ التحقيق إلى ( ﻋﺪﻡ ﺗﻤﺘﻌﻪ ﺑﺎﻟﺨﺒﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اللازمتين لهذا اﻟﻤﻨﺼﺐ).
وصدر أيضا ضده حكم قضائي في عام 2004، بالسجن 3 سنوات ودفع مبلغ 12 ألف دينار ليبي، حسب المحكمة المختصة بالجرائم الاقتصادية برئاسة القاضي السابق؛ ووزير الداخلية الحالي في الحكومة الليبية المؤقتة المستشار إبراهيم بوشناف. ﺳُﺠﻦ عام 2000 ﻣﺪﺓ 6 ﺃﺷﻬﺮ ﻓﻲ ﺳﺠﻦ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ – ﺍﻟﺪﺭﻳﺒﻲ – ﻏﺮﺏ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ، ﺑﻌﺪ ﺇﺷﻬﺎﺭ ﺇﻓﻼﺱ ﻣﺼﺮﻑ الأمة، وﻭﺟﻬﺖ ﻟﻪ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﻬﻤﺔ – ﺍﻟﺘﻘﺼﻴﺮ ﻓﻲ ﺣﻔﻆ ﻭﺻﻴﺎﻧﺔ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﻮﺳﺎﻃﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺴﻮﺑﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺷﺮﻛﺎﺕ ﻭﻫﻤﻴﺔ – ﺤﺴﺐ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺭﻗﻢ ( 489/2000ﻡ ) ﺑﻤﺤﻜﻤﺔ ﺟﻨﺎﻳﺎﺕ ﻃﺮﺍﺑﻠﺲ .
وحسب مصدر مصرفي مطلع فإن الكبير وبمشاورة مع شخصيات من تيار الإخوان في ليبيا، وبعض الدول مثل تركيا وبريطانيا وإيطاليا ودولة قطر، قام برفع دعوى طعن في قرار اقالته من قبل مجلس النواب أمام محكمة إستئناف طرابلس في 25 سبتمبر 2014 م، وسجل الطعن تحت رقم ( 196/2014 ). وجاء حكم المحكمة في يناير 2015م وجاء في حيثيات الحكم بأن قرار الإقالة صادرعن السلطة التشريعية “مجلس النواب “وان القرارات الصادرة عن السلطة التشريعية في البلاد، لا تدخل قراراتها ضمن القرارات الإدارية، التي يجوز الطعن عليها بالالغاء, بحسب القانون رقم ,(88/1971م ) وألزمت الكبير بدفع المصاريف. ويشير المصدر المصرفي إلى أن عدة دول مستفيدة من وجود الكبير في منصبه سارعت بمساعدة شخصيات متنفذة في طرابلس، إلى اخفاء الحكم منذ صدوره بشتى الطرق، بحيث لا يتم تمرير القرار لوسائل الإعلام .
ووفقا لتقرير ديوان المحاسبة الليبي السنوي فإن الكبير وراء ﺑﻴﻊ 11 ﻣﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻷﺟﻨﺒﻲ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮﺭ، بحجة ﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﺃﺯﻣﺔ ﺍﻟﺴﻴﻮﻟﺔ ﺧﻼﻝ ﻋﺎﻡ 2012 ﻭﻣﻦ ﺛم ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ، أيضا ﺗﺤﻮﻳﻞ 50 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺩﻳﻨﺎﺭﻋﺎﻡ ( 2014ﻡ ) ﻟﻠﻤﺆﺗﻤﺮ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺩﻭﻥ ﻣﺴﺘﻨﺪ ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ. كما ورد في تقارير الأمم المتحدة بخصوص الكبير خلال العام 2018 بأنه متورط ﻓﻲ ﺩﻋﻢ ﻣﻴﻠﻴﺸﻴﺎﺕ ﻣﺴﻠﺤﺔ، وشخصيات لها علاقة بالإرهاب وتحويلات مالية مشبوهة.
يضاف إلى كل ذلك مخالفاته للوائح وقوانين المصرف، ومنعه للسيولة المالية عن مصارف المناطق الليبية الغير خاضعة لسلطة الوفاق وهي تمثل أكثر من 85% من المساحة العامة للدولة الليبية. تجدر الإشارة إلى أن الصديق الكبير عين محافظا للمصرف المركزي الليبي بتاريخ 12-10-2011 م بقرار صادر عن ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﺍﻹﻧﺘﻘﺎﻟﻲ، ووفق ما تداول حين التعيين، إن تزكيته تمت من القيادي الإخواني ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺼﻼﺑﻲ، وكذلك بعض الشخصيات القطرية ، ﻭﺭﺿﻰ ﺃﻣﺮﻳﻜﻲ ﻭﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻲ.
خاص وكالة “رياليست” – عبد العزيز الرواف – كاتب وصحفي ليبي.