واشنطن – (رياليست عربي): خلّفت الأجواء الودية لاجتماع الرئيسين الأميركي جو بايدن والتركي رجب طيب أردوغان تساؤلات عدة، خاصة أنها جاءت بعد تدهور كبير في علاقات الدولتين على خلفية شراء تركيا السلاح الروسي، ووصف إدارة بايدن أحداث عام 1915 -إبان الإمبراطورية العثمانية- بأنها “إبادة جماعية” للأرمن، طبقاً لموقع “الجزيرة نت“.
وعقب اجتماعهما الأول الذي جاء على هامش قمة حلف الناتو في بروكسل، أكد بايدن أن بلاده ستحقق تقدماً قريباً جداً في العلاقات مع تركيا، وأن لقاءه “بالرئيس التركي أردوغان كان إيجابياً ومثمراً للغاية”.
خلف الكواليس
اجتمع الرئيس الأمريكي جو بايدن، بنظيره التركي رجب طيب أردوغان على هامش قمة حلف الناتو، لمدة 45 دقيقة، لم يتم ذكر الجوانب التي تمّ التطرّق إليها، لكن ليس صعباً على المتابع لطبيعة العلاقات الأمريكية – التركية أن يعلم طبيعة النقاش الذي دار والذي تناول عدة ملفات ساخنة لعل أبرزها، الملف الأفغاني والسوري والليبي، إلى جانب التطرّق لصفقة صواريخ “إس-400” الروسية، ومقاتلات “إف-35″ الأمريكية.
هذه أبرز الملفات التي من المعتقد أنه تم تداولها، لكن السؤال هل المدة المتاحة لهذا اللقاء أي 45 دقيقة كافية لحل الخلافات التي نشأت مؤخراً وأحدث فتوراً في أقوى تحالف في المنطقة؟ بالطبع هذا اللقاء كان متمماً لتواصل وتنسيق سابق كان قد جرى خاصة وأن الملف الأفغاني هو الأهم بالنسبة لواشنطن، فهي لا تريد الخروج من أفغانستان إلا وأن تُيقي على قوات حليفة لها، ولهذا سبق وأن طالبت حركة طالبان الأتراك بالانسحاب أيضاً.
أردوغان استثمر هذه النقطة وعرض مباشرةً بقاء قواته لحماية مطار كابول مقابل إتمام صفقة “إس -400” الروسية، هذا الأمر تلقفته أمريكا جيداً ما يعني أن الأمور هذه المرة فعلاً قد كسرت الجليد الحاصل بين الجانبين، وإن كانت تركيا لا يمكن لها أن تنسى موقف بادين الأخير حيال الاعتراف بالإبادة العثمانية للأرمن، بالتالي، نحن اليوم أمام حقيقة واحدة وهي أنه مهما اشتدت الخلافات لا يمكن للبلدين الحلفين التفريط في متانة هذا التحالف تحت أسوأ الظروف.
رسالة لروسيا
إن اجتماع بايدن مع أردغان قبيل قمة جنيف ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هي بحد ذاتها إنجاز كبير وتقدم ملموس في العلاقات الثنائية ظاهرياً، وبنفس الوقت هي رسالة لروسيا تضع أردوغان بموقع الزعماء الكبار، كما أن الولايات المتحدة أضفت هذه الشرعية لأردوغان وأن على روسيا تجنب الخطأ معه، طالما أنه الحليف المتين لها خاصة في الملف السوري، وبطبيعة الحال، هذا اللقاء بمثابة ضوء أخضر أمريكي لتركيا لاستمرار ما تقوم به في البلدين المذكورين وبالأخص ليبيا، ما يعني أن التطورات المقبلة ستحمل العديد من الاحتمالات، أبرزها التصعيد في ليبيا وسوريا.
بالتالي، هذا اللقاء أمر حيوي بالنسبة لتركيا التي تعاني من تردي الاقتصاد على المستوى الداخلي، فهو بمثابة طمأنة لعودة الاستثمارات إليها وبخاصة من الأوروبيين، وفي نهاية المطاف، لا تزال العلاقات الإستراتيجية الأميركية – التركية حيوية لطموحات الأخيرة الإقليمية، وهي علاقات راسخة رغم طبيعة زعماء الدولتين المتقلبة.