واشنطن – (رياليست عربي): غادرت رئيس مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، تايوان بعد زيارة استفزت الصين، ووضعت العداء بين واشنطن وبكين فوق عجلة الحركة السريعة، ليبدأ خطر الخطوة عقب عودة بيلوسي إلى الولايات المتحدة وليس خلال تواجدها فوق الأراضي التايوانية.
زيارة بيلوسي إلى تايوان، حملت عدة دلالات وإشارات أولها، ما أكدته حول فقدان الرئيس الأميركي جو بايدن القرار وبات وجوده داخل البيت الأبيض مجرد دمية أشبه بـ «عرائس الماريونت» يمتلك خيوطها المؤسسات العميقة التي تدير دفة واشنطن داخلياً وخارجياً، ولا تضع البيت الأبيض ولا المكتب البيضاوي في الحسابات الجيوسياسية.
ثانياً، على ما يبدو أن الدولة العميقة في الولايات المتحدة، وخصوصاً لوبي شركات الأسلحة على استعداد تام لإشعال معركة عسكرية جديدة، أشبه بالسيناريو الذي حدث في أوكرانيا عندما تجاهلت هذه المؤسسات شواغل الإدارة الروسية ومضت في مخططها بنشر الأسلحة على حدود موسكو، علاوة على تسريع وتيرة العمل داخل مختبراتها الغامضة، وبالرغم من قناعتها المسبقة بكلفة الحرب على الاقتصاد الدولي، إلا أنها وضعت مصالحها ومكاسبها المادية فوق جميع الاعتبارات الإنسانية، واليوم تكرر ذات السيناريو مع بكين لدفعها إلى إشعال معركة سيادة مع تايوان، ووقتها سوف تكتفي واشنطن كعادتها ببيع الأسلحة وتحقيق الأرباح وسوف تترك تايوان فريسة في يد الجيش الصيني الذي بات واضحاً للعيان مدى جهوزيته العسكرية لصدام عسكري قادم لا محالة سواء مع نظيره الأميركي أو أذرعه التي يحركها لإرهاق الدول الكبرى.
طائرة بيلوسي التي حطت في تايوان متجاهلة التحذيرات الصينية ومكالمة اللعب بالنار بين بايدن ونظيره الصيني، لكن بدا واضحا أنه بالرغم من المخاطر المترتبة على هذه الاستفزازات أصبح صانع السياسات الأميركية الخفي يتجاهل مصير العالم وجل ما يريد حصاده حفنة الدولارات على حساب أوراح البشر.
فمن السذاجة الاعتقاد أن استفزاز الدول الكبرى على غرار روسيا والصين، يمكن أن يمر مروراً عابراً، فما بالنا ببكين وهي اليوم الدولة العظمى، وستكون قريباً الأعظم في التأثير على حركة الاقتصاد الدولي، وصاحبة نفوذ غير محدود في الخريطة الجيوسياسية الجديدة، بعدما أعادت روسيا تموضعها هى الأخرى وقدمت أدلة قدراتها على مواجهة أمريكا وأوروبا مجتمعين فوق الأراضي الأوكرانية، وسببت العقوبات المفروضة عليها في تصدع دول واقعة بقارات بعيدة خلف المحيطات ونتج عنها سقوط أنظمة ووقوف أنظمة أخرى على حافة الهاوية تترقب رفع أصابع روسيا من فوق زر تفجير أسلحتها الأقوى من الرصاص – الطاقة والحبوب- بعدما وقفت واشنطن مكتوفة الأيدي وعجزت عن تعويض الصادرات الروسية.
وفي حال شرعت الولايات المتحدة في تكرار التجربة مع الصين وهو ما تهرول نحوه، على أمل تقزيم الدور الصيني، سوف تتكيد واشنطن خسارة نفوذها الدولي، وتشكيل محور عالمي جديد سيصبح مثل المجال المغناطيسي يجذب الحلفاء من جميع القارات.
خاص وكالة رياليست.