إن ما ينتظر لبنان في ظل الفوضى السياسية والإقتصادية التي يعاني منها، مؤشرات على عودة مؤكدة إلى الفراغ السياسي الشبيه بالإنتخابات النيابية الماضية التي تم تعطيلها لقرابة الـ 6 أشهر، والمؤكد ان حكومة تصريف الأعمال ستبقى هي الفيصل إلى أجلٍ غير معروف.
سيطرة مالية
منذ أن بدأت الإحتجاجات الشعبية اللبنانية وإلى اليوم، لم يتم تحقيق أي من مطالب المحتجين، بل على العكس تماماً، فلقد زادت الأوضاع سوءا ، بينما تنذر الأزمة إلى تراجع سريع في كل مفاصل الحياة في الداخل اللبناني خاصة على الصعيد الاقتصادي وأزمة البنوك التي توقفت عن منح المودعين سحب أكثر من ألف دولار من أرصدتهم، وهذا ينطبق على المودعين اللبنانيين والأجانب على حدٍّ سواء، فبحسب معلومات متقاطعة أن البوك اللبنانية تمتلك ما قرابته الـ 20 مليار دولار أمريكي تعود للسوريين، إضافة إلى مودعين من العراق وبعض دول الخليج، وأما التوقعات حول إستطاعتهم سحب أموالهم لا تتجاوز الـ 5% ما يعني أن الجميع خسر أرصدته على الأقل مؤقتاً، فما أن تعلن البنوك إفلاسها حتى تتحول هذه الأزمة إلى الأزمة الشبيهة بأزمة اليونان وإنهياره.
نظام طائفي
إن إستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، وإن كان في ظاهرها أنها جاءت نزولاً عند رغبة المحتجين، لكن تؤكد التحليلات أنها جاءت نتيجة للإملاءات الأمريكية عليه، فهو من الناحية الشخصية تواق لأن يعاد إنتخابه وترأسه مجدداً خاصة وأن حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر متمسك بشخصه لكونه يحظى بشعبية كبيرة في الشاعر السني على مستوى لبنان، لكن في هذه الأزمة خسر شعبيته الأهم في مسقط رأسه طرابلس الشمال التي إنقلب سكانها عليه، من هنا أصبح الحريري شخصاً غير مرغوب فيه على الصعيد الشعبي، فالضغط الأمريكي عليه ليس أكثر من مجرد خلق حالة من اللاتوازن في الشارع اللبناني خاصة وأن الوضع الاقتصادي في تراجع مستمر، يأتي ذلك بعد تسجيل أول حالة حرق شخص لنفسه نتيجة لهذه الأوضاع، إضافة إلى تسجيل عددٍ من حالات الإنتحار.
لبنان ودول الجوار
لا شك بأن لبنان على الرغم من صغر مساحته وتركيبته الطائفية، كمساحة صغيرة تتعرض لهزات إرتدادية من دول الجوار نظراً للولاءات التي تتبع تلك التركيبة، فالأزمة السورية تركت أثراً سلبيا ًعليه إضافة للأزمتين الإيرانية والعراقية، فلطالما كان لبنان ساحة خصبة للولوج إلى دول الجوار، فمع أزمة النازحين السوريين التي ألقت حملاً زائداً عليه، وضعف إقتصاده، جعل الكثير من الدول تسيطر عليه وعلى قراره كالعربية السعودية وإيران والولايات المتحدة، إلا أن الأخيرة كل ما يهمها من لبنان تحقيق الأمن القومي لإسرائيل، فهذا الوضع خلق أرضية مناسبة لتحقيق هذا الهدف، خصوصاً إذا ما تطور الوضع وإنشغال حزب الله داخلياً، سيكون لذلك آثاراً إيجابية على إسرائيل وأمن الحدود، فالتوقعات تشير إلى أن لبنان إلى مزيد من الغرق وإلى مزيد من الفوضى، البداية كانت معروفة، إلا أن النهاية لا يعلمها إلا الله.
من هنا، يعيش لبنان حالة من الفراغ السياسي الكبير ألقى بظلاله على الواقعين الاقتصادي والإجتماعي كما ذكرنا أعلاه، وأصبح الوضع الفوضوي معروفاً ففي المقام الأول إن الهدف منه التخلص من سلاح حزب الله بضغط شعبي، وتحميله مسؤولية تدهور الأوضاع ليفقد حاضنته الشعبية الداخلية على ضوء ذلك، فالرصاصة والبندقية ضد إسرائيل لن توازن مع إنعدام رغيف الخبز وحاجات المواطنين الأساسية خاصة وأن المطالبات الشعبية حول محاربة الفساد لم يتحقق منها شيء، دون إغفال أزمة البنوك اللبنانية وتحفظها على أموال المودعين، فكل هذه العوامل مجتمعة ستعمل على تأجيج وتفجر الأوضاع أكثر وأكثر ولن يكون العقل سيد الموقف، بل الإقتتال المذهبي ينتظر شارة البدء ليشتعل.
فريق عمل “رياليست”